للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الجامع في أصول الربا]

المؤلف/ المشرف:رفيق يونس المصري

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:دار القلم - دمشق ̈الأولى

سنة الطبع:١٤١٢هـ

تصنيف رئيس:فقه

تصنيف فرعي:ربا

الخاتمة

إنه لمن الصعب عليّ أن أضع خاتمة لهذا الكتاب، الذي احتوى على مباحث ربوية كثيرة، دون أن أتعرض لخطر التطويل والإملال، لاسيما وأن النتائج التي يمكن أن أختار بعضها، وفقا لوجهة نظري، قد تنطوي على ترك نتائج أخرى، لم أختر إثباتها في الخاتمة، وقد تكون ذات أهمية أكبر في نظر بعض القراء، فلاشك أن القراء في ذلك يختلف بعضهم عن بعض.

غير أن هذه الصعوبة لن تمنعني من الإشارة إلى بعض النتائج التي أختارها على مسؤوليتي الخاصة، راجيا أن تفيد عددا من القراء، وأن تعطي مجموع القراء، فكرة ولو يسيرة، عن أهداف هذا الكتاب، وبعض المسائل المطروقة فيه.

وبناء عليه، أذكر هذه المجموعة المختارة من النتائج:

١ - قوله تعالى في سورة البقرة: الآية ٢٧٩: {لا تظلمون} معناه: لا تظلمون بالثواب، وليس المعنى: لا تظلمون بالنقصان، وقد أوردنا الأدلة على ذلك.

٢ - قوله صلى الله عليه وسلم: ((مثلا بمثل، سواء بسواء، يدا بيد)) يعني التساوي (بين البدلين) في النوعية، والكمية، والزمن.

٣ - الأصناف الستة الواردة في أحاديث الربا: الذهب، الفضة، القمح، الشعير، التمر، الملح، هي من أموال ربا القروض ومن أموال ربا البيوع، وهي أموال مثلية، الغرض من تحريم ربا النساء والفضل فيها هو سد الذريعة إلى ربا النسيئة (= ربا القروض).

٤ - ربا الفضل هو زيادة بلا زمن، وربا النساء هو زمن بلا زيادة، وربا النسيئة هو زيادة مع زمن.

٥ - للزمن قيمة، دليله أن ربا النساء حرام، وأن المقرض مثاب عند الله، وأن البائع بالأجل يجوز له أن يزيد لأجل الأجل ..

٦ - الربا ربوان: ربا حرام وربا حلال، وقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] لا يفيد أن كل بيع حلال، ولا أن كل ربا حرام. والقرض فيه ربا نساء، ولكنه جاز إرفاقا بالمقترض.

والقول بوجود ربا حلال يفيدنا في تقويم المشروعات، كما يفيدنا في تفسير الزيادة للأجل في البيع الآجل، مع ملاحظة أن الربا هو كل زيادة في مقابل الأجل.

٧ - الحيوان بالحيوان، تفاضلا ونساء، عند من أجازه، يدخل في باب الربا الحلال.

٨ - الزمن في القرض ليس مهدرا، كما قد يتوهم، ذلك بأن الله سبحانه وتعالى يثيب المقرض على قرضه.

كذلك الجودة في الربويات ليست مهدرة، كما قد توهم عبارات بعض الفقهاء، ذلك بأن الله سبحانه يثيب صاحب التمر الجيد في مبادلة التمر الجيد بالتمر الرديء مع التساوي في المقدار.

٩ - مبادلة الذهب بالذهب، أو التمر بالتمر، سواء بسواء، يدا بيد، مبادلة لها معنى، وقد يلجأ إليها العقلاء، خلافا لما ذكره البعض، وذلك عند مبادلة عملة ذهبية سورية بعملة ذهبية سعودية، أو تمر سوري بتمر جزائري، متشابهين في الجودة، مختلفين في الطعم.

١٠ - منع الذهب بالذهب، فضلا ونساء، لأن جوازه يعني جواز القرض الربوي.

ومنع الذهب بالفضة، نساء، لأن جوازه يفتح الذريعة إلى قرض ربوي، يقرض بنقود الذهب ويسدد بنقود الفضة.

١١ - قد تكون الحكمة من تحريم ربا الفضل أن ربا الفضل هذا محرم في كل مبادلة بين متماثلين، سواء كان فيها نساء أو لم يكن، وذلك مبالغة في سد الذريعة إلى ربا القرض.

١٢ - الذهب بالذهب، أو الفضة بالفضة، لا مجال فيه لتحقيق ربح لدى الصيارفة، أما الذهب بالفضة، والعملة بعملة أخرى، ففيه مجال لتحقيق الربح، شريطة أن تتم العملية يدا بيد، ولا مانع أن يكون لدى الصيرفي سعر للشراء وسعر آخر للبيع.

١٣ - ذهب جمهور الفقهاء إلى أن بيع حلي الذهب والفضة بالنقود لا يجوز نساء، وذهب ابن تيمية وابن القيم إلى جوازه، وكانت أقوى حجة لهما في ذلك أن علة الذهب والفضة ربويا أنهما أثمان، والحلي ليست أثمانا، بل هي مجرد سلعة من السلع، ولا ربا بين السلع والأثمان.

١٤ - إننا نتفق مع الحنفية في أنه لا ربا بين السيد وعبده، ولا ربا بين المتفاوضين (وقد ذكرنا إمكان وجود تطبيق معاصر لهذا الرأي).

ولكننا لا نتفق مع بعض الفقهاء الذين قالوا بأنه لا ربا بين الوالد وولده، أو لا ربا بين الزوجين.

١٥ - ذكر بعض المعاصرين أن لا ربا بين الراعي ورعيته، ولم نجد سندا لهذا القول عند الفقهاء السابقين، كما لم نجد له وجها مقبولا حتى الآن.

١٦ - عرضنا في هذا الكتاب لمسائل شتى أعجز عن تلخيص كل منها، ولهذا أغتني عن الملخص بإحالة القارئ إليها مباشرة.

وهذا الكتاب وصفته بالجامع، بمعنى نسبي، لا بمعنى مطلق، وعلى المجاز لا الحقيقة، وهو إلى حيث استطعته أقرب منه إلى حيث أردته.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>