للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الزواج بنية الطلاق]

المؤلف/ المشرف:صالح آل منصور

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:دار الكتاب والسنة - باكستان ̈الأولى

سنة الطبع:١٤١٥هـ

تصنيف رئيس:فقه

تصنيف فرعي:نكاح - طلاق وخلع وفسخ ونشوز

الخاتمة

ولعل القارئ المنصف بعد هذه الجولة القصيرة تبين له أن الحق – والله أعلم – بجانب من رأى تحريم هذا النكاح وبطلانه لما قدمنا، وذلك:

أولاً: أن الأصل في الإيضاح التحريم، وذلك بإجماع العلماء، فإذا كان الأمر كذلك؛ فإنها لا تستباح؛ إلا بما دل الدليل على حلها، وأين الدليل على إباحة الزواج بينه الطلاق؟! وكون هذا النكاح قد توفرت فيه الشروط والأركان؛ فهذا يجعله نكاحاً صحيحاً في الظاهر أمام الناس، يترتب عليه أحكام النكاح الصحيح، ولكن لا يلزم من كونه صحيحاً ظاهراً أن يكون مشروعاً حلالاً فيما بينه وبين الله؛ فمثل هذا النكاح لا يحبه الله ولا يرضاه – والله أعلم -؛ لمنافاته مقاصد الشريعة في النكاح، ولما فيه من الغش والخداع، ولما فيه من المفاسد العظيمة.

ثانياً: في الشريعة فرق كبير وبون شاسع كما بين السماء والأرض والثرى والثريا بين النكاح بنية الدوام والنكاح بنية الطلاق؛ فالزواج بنية الدوام هو الأصل في مشروعية النكاح، وهو الذي فطر عليه البشر، وهو الذي يوافق مقاصد الشريعة، ولو ظن هذا المتزوج أن النكاح قد لا يستمر مع هذه الزوجة؛ لما أقدم عليه، ولبحث له عن أخرى يستمر معها.

أما الزواج بنية الطلاق؛ فهو دخل معها من أول لحظة من لحظات بدء العقد على أنه لا يستمر معها، بل لا يريد ذلك ولا يرضى به، وربما يعمل الأسباب التي تمنع استمراره، وكون هذه النية قد تتغير لا تسوغ لنا القول بجواز مثل هذا النكاح، وإلا؛ لقلنا بجواز نكاح المحلل ونكاح المتعة؛ بحجة أن النية قد تتغير، والأحكام إنما تبنى على الظن الغالب.

وقد علمنا الشارع أن اختلاف النية لها أعظم الأثر في بناء الأحكام الشرعية، وإن كانت صورة العمل واحدة.

روى عمر بن الخطاب؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى".

رابعاً: يكفي في قبح هذا الزواج والقول بتحريمه أنه غش وخديعة وظلم للمرأة وأوليائها، وقد حرم الله الخداع والغش والظلم.

وإلى القارئ الكريم بعض ما ظهر لي من مفاسد هذا النكاح:

١ - أنه ذريعة إلى ترك الزواج الحقيقي الذي يراد به الدوام، حيث إن هذا ليس كالزواج بنية الدوام؛ فليس فيه التزامات ولا أعباء الزواج الحقيقي، والكثير من الشباب أو الرجال يريدون الحرية البهيمية وعدم التقيد بمسؤولية زوجية، يتزوج من شاء، فيقيم معها أو معهن فترة، ثم يطلق وينتقل إلى أخرى في أي بلد وفي أي مكان ... وهكذا.

٢ - إنه ظلم للمرأة وعدوان وغش وخيانة لا يرضاه المتزوج بهذا الزواج لابنته ولا لموليته؛ فكيف يرضاه لغيره؟!

٣ - ضياع الأولاد.

أ- ربما ضاع الأولاد لعدم قدرة والدهم على أخذهم إلى بلده؛ لوجود بعض القوانين أو الأنظمة التي تمنع أخذهم أو إدخالهم إلى بلاده، أو لعدم القدرة على تربيتهم.

ب- ربما أنكر بعض الآباء هؤلاء الأولاد أو أبغضهم، حيث إنهم وجدوا عن غير رغبة من أبيهم، ووجدوا من هذه الزوجة التي لا يريد البقاء معها.

٤ - أنه ذريعة لاختلاف الأنساب وضياعها، وذلك ينتج عن كثرة الزواج بهذه الفتيات؛ فمثل هذا الزواج لسهولته؛ لا يكون فيه تقيد بأحكام الشرع.

٥ - فتح هذا الباب يجعل كثيراً من النساء عاطلات من الأزواج، حيث وقعن في شرك مثل هؤلاء الأزواج، فسرحوهن سراحاً غير جميل؛ فهذا يشكل خطراً ويهددهن بالوقوع في الفاحشة والسقوط.

٦ - زواج المرأة من عدة رجال يبيتون لها مثل هذه النية يهون عليها الوقوع في فاحشة الزنى كما قد يهون ذلك على الرجال.

<<  <  ج: ص:  >  >>