للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المحاماة تاريخها في النظم وموقف الشريعة الإسلامية]

المؤلف/ المشرف:مشهور بن حسن آل سلمان

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:دار الفيحاء ̈الأولى

سنة الطبع:١٤٠٧هـ

تصنيف رئيس:فقه

تصنيف فرعي:محاماة

كلمة أخيرة للمحامين: ١٠٨ - يقول الله عز شأنه وتبارك اسمه:- {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا وَاسْتَغْفِرِ اللهِ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا هَاأَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَّحِيمًا وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}. أرشدتنا هذه الآيات من سورة النساء إلى (لون من ألوان التمرد على أحكام الله، مني به المسلمون كذلك في آخرهم ما منوا به في أولهم، ويرجع هذا اللون إلى استخدام القوى والمواهب والتدبير لإظهار الحق في صورة الباطل. والباطل في صورة الحق، خديعة للحاكم وتضليلاً للقضاء.

عرضت هذه السورة إلى هؤلاء الذين يتخذون هذا اللون من التمرد لإدانة البرءاء سبيلاً إلى كسب خبيث، يحصلون عليه من الدفاع والمحاورة بالباطل ليخفوا به الحق.

عرضت السورة لهذا الفريق من الناس، وحذرت الرسول أن يخدع بأساليبهم أو يتهاون في تحري الحق، اعتماداً على ظن الصدق فيهم، وعلى ظاهر حالهم في دعوى الإيمان والخوف من الله) (والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد الأمة لأن الخصام عن الخائنين لا يتوقع من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما المراد تحذير الذين دفعتهم الحمية إلى الانتصار لابن أبيرق).

وفي قوله تعالى {هَاأَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً}، التفات إلى أمته صلى الله عليه وسلم التفاتا ينطوي على التنديد والتثريب: فعلى فرض أنهم جادلوا عن الخائنين في الدنيا، فنجحوا ونجوا من العقوبة الدنيوية، فمن الذي يجادل الله عنهم يوم القيامة ويكون وكيلاً عليهم أمام الله عز وجل، وينقذهم من العقوبات الأخروية، وهو محيط بحقائق ما فعلوا، ولا تخفى عليه صغيرة ولا كبيرة. لأن المخاطب كل من يصلح للمخاطبة من المسلمين، والكلام مجرى الفرض والتقدير، أو مجرى التعريض ببعض بني ظفر الذين جادلوا عن ابن أبيرق.

ونحب أن نقف بالمحامي عند هذه الآيات من سورة النساء لنضع بين يديه ما ترشد إليه أو تدل عليه من عبر وأحكام. ويتلخص ما يهمنا من ذلك فيما يأتي:

١ - على المحامي أن يتحرى الحق والعدل: تنبه الآيات إلى أن المهمة التي ألقاها الله على عاتق الرسول صلى الله عليه وسلم بإنزال الكتاب عليه. وبالطبع هي المهمة التي ألقيت على من بعده من خلفاء وقضاة ومحامين. هي تحري العدالة والحكم بين الناس بالحق الذي لا يجافي الواقع {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>