للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[جمع الدرر في أحكام التصوير والصور]

المؤلف/ المشرف:أحمد بن نصر الله المصري

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:دار ابن القيم - الدمام ̈بدون

سنة الطبع:١٤١٢هـ

تصنيف رئيس:فقه

تصنيف فرعي:تصوير ونحت تماثيل

خلاصة البحث:

١ - مسألة التصاوير ذات فروع متشابكة، وفي نصوصها ما يحتاج إلى التوفيق والجمع؛ فلابد من عرضها مرتبة فروعها ليسهل على الناظر التوصل إلى أحكامها.

٢ - لابد عند التعرف على الأحكام ودراسة المسألة من الفصل بين فعل التصوير وبين استعمال الصور، فلكل أحكامه الخاصة على الوجه التالي:

٣ - التصوير على ثلاثة أنواع:

الأول: باليد .. وينتج عن ذلك صور مجسمة لها ظل فهذه تحرم باتفاق، عدا لعب الأطفال فالجمهور على استثنائه.

الثاني: باليد كذلك .. إلا أنه ينتج عنه صور غير مجسمة ولا ظل لها كالرسم على الورق ونحوه، فهذا محل نزاع بين العلماء سلفاً وخلفاً والراجح حرمته لانطباق فعل التصوير عليه بالمعنى الشرعي.

الثالث: بالآلة .. وهو التقاط صور وإخراجها غير مجسمة ولا ظل لها .. وقد انقسم العلماء المعاصرون بشأن هذه المسألة على فريقين:

أحدهما يرى إلحاقها بالتصوير المحرم.

والآخر يرى جوازها وعدم انطباقها على التصوير المحرم.

والراجح عدم إلحاق هذا النوع بالتصوير الذي تتحدث عنه النصوص، حيث لا ينطبق والمعنى الشرعي للتصوير والذي عبر عنه العلماء كالشيخ أحمد طاحون – في شرحه للأسماء الحسنى عند اسم المصور – قال: "ومعنى التصوير: التخطيط والتشكيل" فصاحب الآلة وكذا الآلة بريئان من التخطيط والتشكيل الذي هو رأس المعنى الشرعي للتصوير وعليه العمدة في التحريم، وإنما اقتصرت مهمتهما على التقاط نفس خلق الله دون الذهاب إلى إيجاد خلق لم يكن موجوداً، مما لا يدع مجالاً مطلقاً للمضاهاة.

والمسألة كما ترى اجتهادية كغيرها من عشرات المسائل الفقهية التي اختلف فيها أهل العلم وكان فيها قولان أو أكثر، فلا ينكر فيها على المخالف لأن علماء الأصول متفقون على أن الإنكار في المتفق عليه لا المختلف فيه ..

وإن كنا نتواصى بالخروج من الخلاف والتورع وحصر الأمر في الحاجة والمصلحة.

هذا .. ومن الجدير بالذكر أنه قد وقع الإجماع من الفريقين على جواز استعمال مثل هذا النوع من الصور عند الضرورة كإثبات الشخصية والتعرف على الأحداث الهامة كوقائع السرقات والجرائم ...

والقياس يقضي – من باب أولى – إلحاق حالات الجهاد بالجواز في كشف مخططات العدو وغير ذلك من الأهداف لأنه ليس على وجه الأرض جرائم أشد من اغتصاب سلطان الله والاعتداء على دينه وحرماته، لاسيما وقد أثبتنا – في بحث آخر – أن الجهاد يباح فيه ما لا يباح في غيره.

هذه خلاصة القول في المسألة ومن أراد التفصيل فليرجع في البحث.

٤ - في باب استعمال الصور يحرم تعظيمها أياً كان مخرجها باليد أو بالآلة سواء كانت مجسمة أو غير مجسمة ..

وهنا يتبين أهمية الفصل بين أحكام ذات التصوير وأحكام استعمال الصور؛ ففي حين ترجح عدم اعتبار الالتقاط بالآلة تصويراً بالمعنى الشرعي إلا أن الصورة إذا استعملت على وجه فيه تعظيم حرمت من جهة الاستعمال لا من جهة التقاطها .. والفارق كبير لا يخفى.

أما ما عدا التعظيم فالأمر لا بد له من تفصيل: فالتماثيل المجسمة يحرم استعمالها على أي وجه ويستثنى من ذلك لعب الأطفال .. أما الصور التي لا ظل لها فيكره تعليقها على الحوائط أو الستائر ...

أما إذا كانت الصور لا ظل لها وغيره معلقة فيباح استعمالها على وجه ممتهن كالبساط والوسادة ونحو ذلك، وأيضاً يدخل في الإباحة الصورة إذا كانت في الثوب أو في كتاب ما دامت لم تعظم أو تعلق ... والله تعالى أعلم.

٥ - العلل الظاهرة لتحريم التصوير تدور حول مزاحمة الله عز وجل في إحدى صفاته؛ وهي ما تعبر عنه الأحاديث بالمضاهاة والذهاب لإيجاد خلق يشبه خلق الله .... أما علل تحريم الاستعمال تدور جلها حول شبهة التعظيم من دون الله ... والمسألة كلها من باب سد الذرائع إلى الشرك.

٦ - لم يثبت نص قولي يفيد وجوب نقض الصور؛ وإنما ورد من فعله صلى الله عليه وسلم، وهو أيضاً ليس على عمومه بل مخصص بما ثبتت فيه الكراهة أو الحرمة، أما الذي أجازت الشريعة استعماله فبديهي أنه لا يشمله النقض.

٧ - حديث: "لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة" ثبت أنه ليس على عمومه من حيث الملائكة ومن حيث الصور؛ بل هو مقيد بنوع من الملائكة وبالصور التي يحظر استعمالها.

٨ - المسائل الخلافية لا مجال فيها لإساءة الظن أو معاداة البعض، ولا تؤثر في الأخوة الإسلامية التي ينبغي أن ترتفع فوق الخلاف ..

فلا يلومن أحد علينا إن نحا خلاف ما نحونا فوالله غير الحق ما ابتغينا ..

وهذا هو بيت القصد وخلاصة الخلاصة حتى نلتقي جميعاً في صف متماسك كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.

والله اسأل أن يجنبنا الزلل ويهدينا لأقرب من هذا رشداً ويستعملنا لدينه، ويجعلنا جنداً من جنوده.

العبد الضعيف أبو إبراهيم المصري.

<<  <  ج: ص:  >  >>