للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:

قال المناوي: (المؤمن مرآة المؤمن) أي يبصر من نفسه بما لا يراه بدونه ولا ينظر الإنسان في المرآة إلا وجهه ونفسه ولو أنه جهد كل الجهد أن يرى جرم المرآة لا يراه لأن صورة نفسه حاجبة له: وقال الطيبي: إن المؤمن في إراءة عيب أخيه إليه كالمرآة المجلوة التي تحكي كل ما ارتسم فيها من الصور ولو كان أدنى شيء فالمؤمن إذا نظر إلى أخيه يستسف من وراء حاله تعريفات وتلويحات فإذا ظهر له منه عيب قادح كافحه فإن رجع صادقه: وقال العامري: معناه كن لأخيك كالمرآة تريه محاسن أحواله وتبعثه على الشكر وتمنعه من الكبر وتريه قبائح أموره بلين في خفية تنصحه ولا تفضحه).

وعن ثوبان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة).

قال المناوي: (أي عماده وقوامه النصيحة فبولغ في النصيحة حتى جعل الدين كله إياها، قال بعضهم: هذا الحديث ربع الإسلام أي أحد أحاديث أربعة يدور عليها، وقال النووي: بل المدار عليه وحده ولما نظر السلف إلى ذلك جعلوا النصيحة أعظم وصاياهم، والناصح في دين الله هو الذي يؤلف بين عباد الله وبين ما فيه سعادتهم عند الله وبين خلقه وقال القاضي: الدين في الأصل الطاعة والجزاء والمراد به الشريعة أطلق عليها لما فيها من الطاعة والانقياد).

فالمسلم لا يقوم إلا بنصح أخيه، فهلا تفضلتم على بنصحكم وتوجيهكم مشافهة أو محادثة أو مكاتبة، وإن كنت قدمت ذلك العمل، فليس إلا بفضل الله أولا ثم التربية التي رباها بها علماء هذا البلد الطيب وطلبة العلم فيه، فأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزيهم عني وعنكم خير الجزاء، ولن أنسى مع ذلك أن أقدم عرفاني وشكري وتقديري للدكتور الفاضل الشيخ إبراهيم بن محمد البريكان والدكتور الفاضل الشيخ عادل بن رشاد غنيم على تقريضهما وتقديمهما بعد دراستهما الوافية والمستفيضة لهذا البحث، كما أتقدم بشكري وتقديري للشيخ الفاضل (صالح بن حمود التويجري) على ما تكرم به من مراجعة ومدارسة لبعض فصول هذا البحث قبل أن يصل إلى أيديكم، ولن أوف الجميع حقه إلا أن أقول ما قاله أبو هريرة وابن عمر - رضي الله عنهما - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قال الرجل لأخيه: جزاك الله خيرا، فقد أبلغ في الثناء).

قال المناوي: (إذا قال الرجل) يعني الإنسان (لأخيه) أي في الإسلام الذي فعل معه معروفا (جزاك الله خيرا) أي قضى لك خيرا وأثابك عليه: يعني أطلب من الله أن يفعل ذلك بك (فقد أبلغ في الثناء) أي بالغ فيه وبذل جهده في مكافأته عليه بذكره بالجميل وطلبه له من الله تعالى الأجر الجزيل، فإن ضم لذلك معروفا من جنس المفعول معه كان أكمل هذا ما يقتضيه هذا الخبر، لكن يأتي في آخر ما يصرح بأن الاكتفاء بالدعاء إنما هو عند العجز عن مكافأته بمثل ما فعل معه من المعروف. ثم أن الدعاء المذكور إنما هو للمسلم كما تقرر، أما فعل الذمي بمسلم معروفا فيدعو له بتكثير المال والولد والصحة والعافية).

وكذلك أعتذر لطلبة العلم عن عدم اكتمال تخريج بعض الأحاديث على الوجه الذي يجب أن تكون عليه، ولكني ما فعلت ذلك إلا حرصا أن يصدر الكتاب قريبا لما أراه وأسمعه من انحرافات وتجاوزات قد تمس صلب العقيدة، وإن شاء الله تعالى سوف أتدارك هذا في الطبعة القادمة، مع العلم بأنني لم أورد إلا الأحاديث الصحيحة والحسنة التي خرجت من علماء الحديث - حفظهم الله -، وقد وردت بعض الأحاديث الضعيفة القليلة من خلال بعض الفتاوى ونحوه، وقد تم الإشارة إليها والتنبيه عليها، وقد توخيت من خلال هذا البحث السهولة والبساطة، وعدم التعمق العلمي لغاية أن يصل البحث بشكله ومضمونه للعامة.

سائلاً المولى عز وجل أن يرزقني وإياكم الإخلاص في العمل، والعمل الصالح، وحسن الخاتمة والفوز بالجنة والنجاة من النار إنه على كل شيء قدير، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

<<  <  ج: ص: