للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الموطآت للإمام مالك]

المؤلف/ المشرف:نذير حمدان

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:دار القلم ̈الأولى

سنة الطبع:١٤١٢هـ

تصنيف رئيس:حديث

تصنيف فرعي:الموطأ

الخاتمة

إن الدراسة تهدف إلى إبراز مجالين هامَّين:

• أولاً ـ المجال العلمي الخاصّ: تقدمت صحة الموطأ كمصنف في الرواية، وأهميَّته وعناية العلماء به كمصنّف في الفقه في العهد المبكّر من التصنيف.

وعرفنا من خلال ذلك أن مالكا واحدٌ من أئمة المسلمين، وعَلَم من أعلامهم الذين يمثِّلون حضارة المسلمين ومناراتهم، وذلك بسبب حياته الزاخرة وتأليفه الموطأ، ثم روايات نسخه طول حياته المديدة وعقبها.

فماذا قَدَّم الموطأ أو الموطآت من الفقه والحديث؟

١ـ حفظ كثيراً من السنة وآثار الصحابة والتابعين وعلماء الجيلين الأوَّلين أو على الأقل: السنَّة المدنيَّة بالإضافة إلى حفظ الله للقرآن الكريم في الصدور والسطور.

٢ـ الفقه العملي الملتزم بالتأصيل والمرونة، فلا انحراف عن الأصول الإسلامية المعتبرة ولا مندوحة عن الإبداع الفقهي المتناسب مع حاجات العصر الملحَّة.

٣ـ التنبيه والتنويه بالمصادر التشريعية التبعيَّة أو الثانوية من إعمال الرأي واتخاذ المصالح المرسلة واعتبار العرف وعمل أهل المدينة ومصالح الأمة.

٤ـ الدعوة إلى صفاء العقيدة ووضوح الإيمان والتحذير من البدع وأهلها والنفور من الأهواء واتباعها في منهج سلفيّ مبارك.

٥ـ إغناء المكتبة الفقهية بمسائل الموطآت ثم بمسائل وكتب تلامذته الأقارب والأباعد ونشر مذهبه في أقطار إسلامية فسيحة. وهذا برهان صادق على أحقيَّته وأهميته العلمية على الرغم مما يدَّعيه (شاخت) وأمثاله من المستشرقين المغرضين.

وحسبنا أن نشير إلى أن "الموطأ" صورة رائعة معبِّرة عن نفسية الأمام مالك رحمه الله، وهو في الوقت ذاته مرجع صحيح وهامّ في رواية المدينة وفي غيرها، وهو ثالثاً أثر خالد من تراث أئمة العلماء المسلمين.

• ثانياً ـ المجال التشريعي العام:

فقد ألمحت الدراسةُ إلى مبادئ وكلِّيات هامَّة وعامة:

١ـ منهجية الإسلام حتى في أبسط المسائل الفرعية والعملية التي لا بد من أن تستند إلى نصّ، وحكم مستند إليه مهما تلوَّنت هذه المسائل وتعدَّدت في الفردية والاجتماعية والعالمية.

٢ـ منهجية العلم الإسلامي وخاصة الفقه الذي هو ثمرة الأصول التشريعية، فالأحكام الفقهية والحديثية ليست مزاجية المنزع ولا اعتباطية المقصد والمنهج، وإنما تعتمد على أصولها الشرعية والعلمية مثل اعتمادها على الطرائق في استنباط الأحكام.

٣ـ تآزر الفضيلة الدينية مع القيمة العلمية المنهجية وذلك لتحقق مصداقية العمل والسلوك، والحثّ على العمل بالنص وروحه ودلالته بأسمى وجدانية الصدق والأمانة.

٤ـ قابلية الفقه الإسلامي للتطوُّر الحضاري وذلك بربطه بالنص الثابت ومراعاة طوارئ الأحداث ونوازل الأمور وواقعية العمل، وبذلك يمكن أن يستجيب الفقه إلى منافع العقل ومعطيات العلم وتنظير الأحداث والنوازل، وعالمية القبول والتطبيق.

٥ـ رحابة التقنين الفقهي والتشريعي وتحرزه من المذهبية الضيقة، والانطلاق به إلى سعة الفقه العام في العمل الفردي والاجتماعي واتخاذ مسائله في جميع الحياة الإسلامية: في القضاء والحكم والنظام، ثم رحابته بالاعتماد على الأسس الروحية والخلقية الإسلامية.

٦ـ مبدئيَّة العلاقة بينه وبين النظام السياسي ومسؤولية الحاكم من ناحية وصلته بسائر الأمة من ناحية أخرى:

(أ) فلا بد من أن يتحرر من الضغوط السياسية: الترغيب والترهيب في أشكالهما المنحرفة.

(ب) ولا بد من أن يلتزم بالأحكام الفقهية المناسبة والنابعة من مصادرها الأصلية والتبعية.

(ج) ولا بد من تنشيط المجامع العلمية واللغوية عموماً، وفي طليعتها المجامع الفقهية ضمن إطار يجمع بين (العلمية) و (المصداقية)، متحررة من المؤثرات وأساليب التحايل والخداع ملتزمة بالتأصيل والمرونة، هادفة إلى وضع الأحكام الفقهية موضعها الحق، ونشرها في عالم الفكر والمادة بالأخلاقية الإسلامية الحية.

(د) ولا بدَّ من قناعة أفراد الأمة بالنموذجية العلمية والفقهية الإسلامية ضمن التحدِّيات القانونية والنظامية العالمية، واتخاذه المرجع الفكري والعلمي في شؤون الحياة ومرافقها.

والله من وراء القصد

<<  <  ج: ص:  >  >>