للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[السياسة العثمانية تجاه إمارة (أبو عريش) والسواحل اليمنية]

المؤلف/ المشرف:إسماعيل بن محمد البشري

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:مكتبة العبيكان- الرياض ̈الأولى

سنة الطبع:١٤٢٣هـ

تصنيف رئيس:تاريخ

تصنيف فرعي:تاريخ - الدولة العثمانية

الخاتمة:

لقد قدمت هذه الدراسة صورة كاملة عن تطور العلاقات السياسية بين إمارة (أبو عريش) والدولة العثمانية خلال الفترة من ١٢٥٩ - ١٢٦٤هـ/١٨٤٣ - ١٨٤٧م، حيث يلاحظ مدى التردد وعدم الوضوح في سياسة الباب العالي تجاه الشريف الحسين بن علي بن حيدر.

وخلال هذه الفترة كان الشريف ينصرف وفق المعطيات المحلية, ضارباً عرض الحائط بالشروط العثمانية، مما كان سبباً في وقوف حكومة الحجاز ضده، وتشجيعها المستمر للباب العالي للقيام بحملة عسكرية على السواحل اليمنية.

ويتضح لنا من خلال العرض السابق كيف كانت الإدارة العثمانية غائبة عن الواقع الحقيقي لتطور الأحداث في المنطقة، حيث كانت تعتمد – وبشكل كبير – على تقارير الشريف محمد بن عون المغرضة التي تدل على مدى تلهفه لبسط نفوذه على تلك السواحل نظراً لأهميتها الاقتصادية الكبيرة.

وقد أظهر البحث مدى الحرص لدى الباب العالي لتأكيد سيادته على المنطقة، وإثبات تبعيتها للدولة العثمانية، حتى لو أدى ذلك إلى أن تتخلى الدولة عن شروطها التي سبق أن فرضتها على الشريف، وتكتفي بإعلانه التبعية والولاء للسلطان العثماني.

وألقى البحث الضوء على سياسة الدولة العثمانية المترددة بشأن الشريف الحسين بن علي بن حيدر، حيث نجدها تندفع في قراراتها إلى درجة التوصية للسلطان بضرورة عزل الشريف والسيطرة على المنطقة بالقوة، ثم تتراجع عن ذلك وتتجه إلى تهدئه الأمور، ثم تعيد الكرة مرة أخرى ويتم تصعيد الموقف إلى حد الغليان، ثم تعود إلى استرضاء الشريف ومنحه الرتب العالية.

وقدم البحث – ولأول مرة- معلومات عن المواقف والآراء المختلفة حيال المتغيرات السياسية في المنطقة, سواء كان ذلك في العاصمة العثمانية من خلال مضابط مجلس الوكلاء (الوزراء) , أو من خلال تقارير محمد علي باشا والي مصر، وتقارير أمير مكة المكرمة الشريف محمد بن عون، ووالي جدة محمد شريف رائف، وكذلك مراسلات المبعوثين العثمانيين إلى المنطقة, مثل أشرف بك, وحسين أفندي وغيرهما.

ويمكننا القول إن الفترة التي أعلن فيها الشريف الحسين بن علي بن حيدر تبعيته للدولة العثمانية تعد حافلة بالتطورات السياسية الداخلية والخارجية، وإن تلك العلاقة كان يشوبها الكثير من عدم الثقة, وتبادل الاتهامات والاعتذارات، إلا أن أهم ما حظيت به المنطقة خلال تلك الفترة الحساسة جداً في مجال التنافس الاستعماري الإنجليزي – الفرنسي أنها نتيجة للتبعية العثمانية نجت من الوقوع في براثن الطامعين في مد النفوذ الاستعماري إليها، حرصاً على عدم المواجهة مع الدولة العلية.

لقد ألقت طموحات الشريف الحسين بن علي بن حيدر بالمنطقة في أتون الصراعات المحلية التي انعكست بدورها على علاقة الشريف بالدولة العثمانية، وأثرت على قدرته في الالتزام بشروط الاتفاق المعقود مع الباب العالي، مما كان سبباً – وكنتيجة لجهود الشريف محمد بن عون – في أن تتخذ السلطات العثمانية قرارها الأخير – بعد طول تردد – بعزل الشريف الحسين من منصبه كحاكم للسواحل اليمنية، وتجرد عليه حملة عسكرية سيطرت على المنطقة عسكرياً وإدارياً، وهذا ما سيكون موضع بحث آخر إن شاء الله، والله الموفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>