للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة]

المؤلف/ المشرف:عبدالرحمن بن معلا اللويحق

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:مؤسسة الرسالة - بيروت ̈الأولى

سنة الطبع:١٤١٢هـ

تصنيف رئيس:توحيد وعقيدة ومنهج

تصنيف فرعي:وسطية وغلو

الخاتمة

ها أنذا ألقي عصا التسيار، فأصل إلى نهاية هذا البحث الذي أمضيت في قراءة موضوعاته ما يزيد على ثلاث سنين، فخبرت جوانبه بعد سبرها، ونظمت أطرافه بعد جمعها، وأختم بأن أدون أهم النتائج التي توصلت إليها وأهم التوصيات التي أرى أهميتها.

نتائج البحث:

أولاً - أن الإسلام دين العدل والوسطية، لذلك فإنه ينهى عن الانحرافين: الغلو، والتقصير: الإفراط، والتفريط.

ثانياً - أن الإسلام دين اليسر، فهذه هي سمته الواضحة وعلامته الفارقة، كما أنه دين التيسير، ولذلك أمر بالتيسير على الناس والرفق بهم واللين في دعوتهم.

ثالثاً - أن الإسلام دين التسامح، إذ يدعو إلى اللين في إبلاغ الدعوة، بل يدعو للتسامح حتى مع الأعداء وعدم الاعتداء والتمثيل والغدر.

رابعاً - أن الغلو في اللغة: تجاوز الحد، وأن ألفاظ: التطرف، التشدد، التنطع، والعنف .. مقاربة للفظة الغلو:

بوجه من الوجوه الآتية:

١ - إما أنها مرادفة لها.

٢ - أو بينها وبين لفظة الغلو عموم وخصوص.

٣ - أو أنها تمثل أوصافاً ومظاهر للغلو.

خامسا - أن الغلو في الشرع مجاوزة الحد، بأن يزاد في مدح الشيء أو ذمه على ما يستحق.

سادساً - أن للغلو جذوراً تاريخية، فقد وجدت فرق وطوائف غالية في تاريخ المسلمين. وقد استفاد الغلاة المعاصرون من الغلو القديم تأييد حججهم، وتقوية أدلتهم. ولم يكن هناك تسلسل تاريخي أو توارث للغلو بين الخوارج مثلاً وبين الغلاة المعاصرين.

سابعاً - أن للغلو جذوراً فكرية تتمثل في جانبين:

أ - معاقد الآراء وهذا يظهر في قضية الحاكمية حيث يمكن إرجاع الغلو المعاصر إلى الخلاف الواقع في المسألة، وإلى الفهم الخاطيء لهذه القضية، وإلى ظهور الحكم بغير ما أنزل الله في بلاد المسلمين.

ب - المنهج الذي استخدمه الغلاة للوصول إلى آرائهم. حيث تبين عوج ذلك المنهج وانحرافه مما أدى إلى انحراف النتائج.

ثامناً - أن للغلو جذوراً نفسية. ولهذه الجذور جانبان:

١ - رد الفعل: حيث زخرت المجتمعات المسلمة المعاصرة بكثير من القوانين والأنظمة والتصرفات المنافية للدين والمناقضة لقيم المجتمع، مما أحدث رد فعل عند بعض أبناء المجتمع مقابلة للفعل.

٢ - القابلية للغلو: إذ كانت نفوس من وقعوا في الغلو قابلة له لضعف العلم الشرعي، ولقوة تأثير الفعل المنافي للشرع الذي يرونه في مجتمعاتهم.

تاسعاً - أن فهم طبيعة الغلو المعاصر من أهم الجوانب المعينة على علاج المشكلة. وأبرز النقاط الموضحة لطبيعة الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة هي كما يلي:

١ - أن المشكلة رد فعل لفعل خاطئ - سواء في حقيقة الأمر أم في زعم الغالي - مع أن الغالي مدان لأنه مثل الأرضية المناسبة للغلو.

٢ - أن المشكلة ينظر إليها من ناحية الزمن من جانبين:

أ - الناحية الفردية. وهذا - في الغالب - غلو مرحلي ينتهي إما إلى سنة واعتدال، وإما إلى بدعة وجفاء.

ب - الناحية الجماعية. - أو وجود الغلو في الأمة - فهذه مشكة دائمة حيث لا يخلو زمان من غلو، ولكنه يتسع ويضيق بحسب العوامل والأسباب المؤدية إليه.

٣ - أن المشكلة ذات أبعاد مختلفة؛ فهي مشكلة شرعية دينية، وهي سياسية، وهي اجتماعية، وهي أمنية. فالإسلام دين شامل، وفهمها على أنها مشكلة أمنية فقط خلل خطير.

٤ - أن المشكلة مشكلة عالمية فكل بلد من بلاد العالم الإسلامي يشتكي منها، بغض النظر عن صدق الشكوى.

٥ - أن المشكلة مشكلة داخلية في كل بلد وليست مشكلة وافدة، بل هي نابعة من داخل المجتمع المسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>