للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مباحث المفاضلة في العقيدة]

المؤلف/ المشرف:محمد بن عبدالرحمن الشظيفي

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:دار ابن عفان - الخبر ̈الأولى

سنة الطبع:١٤١٩هـ

تصنيف رئيس:توحيد وعقيدة ومنهج

تصنيف فرعي:عقيدة - أعمال منوعة

الخاتمة

الحمد لله، اللهم ربنا لك الحمد، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ملأ السموات والأرض وملأ ما بينهما، وملأ ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، لك الحمد في الأولى والآخرة، الحمد لله من قبل ومن بعد. أما بعد:

فمن خلال عرض أدلة الكتاب والسنة، وإيراد دلالاتها من منطوقها وفهم العلماء تقررت في بابي البحث وفصوله أمور في مباحث المفاضلة، فقد بينت فيه فضل الخالق على خلقه نقضاً لمذهب أهل وحدة الوجود والجهمية والمعتزلة الذين يستحيل على مذاهبهم إثبات فضل الله على خلقه.

ثم بينت تفاضل أسماء الله وصفاته، ودلالة هذا التفاضل على تعدد الأسماء والصفات وتعدد معانيها نقضاً لمذهب المعتزلة الذين جعلوا أسماء الله أعلاماً محضة مترادفة لا معنى لها وعطلوا صفات الله فاستحال على مذهبهم تفاضل الأسماء والصفات.

وكذا بينت أن التفاضل يقع في الصفة الواحدة من صفات الله كتفاضل صفة الكلام نقضاً لمذهب الأشاعرة والكلابية ومن نحى نحوهم من المتكلمين في نفيهم تفاضل صفات الله وصفة الكلام خاصة.

وبينت أن تفاضل أسماء الله وصفاته هو تفاضل بين صفات كمال لا نقص فيها ولا عيب فهو لا يستلزم نقص المفضول كما توهمه بعض أهل العلم فمنعوا لأجله تفاضل الأسماء والصفات بذواتها وحملوا ما ورد في النصوص بإثبات تفاضلها على تفاضل متعلقاتها دون ذواتها.

وبينت بعد ذلك تفاضل الخلق، وأن الأنبياء أفضل الخلق نقضا لمذهب الصوفية الذين زعموا أن الولي أفضل من النبي، ومذهب الرافضة الذين فضلوا أئمتهم على الأنبياء، ومذهب من زعم جواز كون أحد من الناس أفضل من الأنبياء عقلاً.

وبينت أن الأنبياء متفاضلون بعضهم أفضل من بعض، وأن أفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم ثم إبراهيم ثم بقية أولي العزم من الرسل نوح وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام.

ثم بينت أن أحوال النبي الفرد متفاضلة.

وبينت بعد ذلك فضل الصحابة على سائر الأمة نقضاً لمذهب من انتقصهم وطعن في عدالتهم من المعتزلة والرافضة، وتقرر أن فضل الصحبة الذي اختصوا به لا يدركه من بعدهم وأنهم عدول بتعديل العليم ببواطنهم لهم.

وبينت تفاضل الصحابة فيما بينهم، وأن أفضلهم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي أفرادا وأفضلهم السابقون الأولون جماعات.

ثم بينت بعد ذلك تفاضل المؤمنين نقضاً لمذهب المرجئة الذين اعتقدوا التسوية بين سائر المؤمنين في الإيمان.

وتناول البحث مباحث متفرقة من المفاضلة، فتقرر جواز إمامة المفضول وأن الملائكة متفاضلون، وأن الصحيح هو تفضيل الأنبياء وصالح المؤمنين على الملائكة.

وتقرر كذلك تفاضل المؤمنين في الآخرة في أحوال البعث من الحشر والحساب والمرور على الصراط ودرجات الجنة.

وقد تقرر من خلال البحث عدد من القواعد العامة في المفاضلة أهمها:

١ - أن التفاضل لا يكون إلا مع التعدد، فهو إنما يقع بين شيئين فصاعداً ولا يعقل في الواحد من كل وجه.

٢ - أن المفاضلة لا تسلتزم نقص المفضول بل تقع في الأشياء الفاضلة.

٣ - أنه قد تثبت للمفضول خصيصة فاضلة لا يشاركه فيها الفاضل.

٤ - أن ثبوت فضيلة يختص بها الشيء لا تستلزم تفضيله مطلقا.

٥ - أن تفاضل الأزمنة والأمكنة لا لشيء في ذاتها بل لما تعلق بها من أعمال صالحة متفاضلة.

٦ - أن مدار المفاضلة بين الخلق على العبودية لله فكل من كان حظه من العبودية أتم وأكمل كان أفضل.

٧ - أن المؤمن ينبغي أن ترقى همته إلى الأمور الفاضلة فلا يقنع بالمفضول منها تقاعسا عن الأفضل، يتمثل بذلك هدي نبيه صلى الله عليه وسلم وقد قال: (إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس الأعلى).

نسأل الله الفردوس والدرجات العلا في الدنيا والآخرة، وأن يختم لنا خير الختام في سائر شؤوننا.

وأحمد الله على توفيقه وفضله، وأستغفره من خطأي وتقصيري، والحمد لله أولاً وآخراً لا شريك له.

وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>