للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- عليه الصلاة والسلام - أن هذا يسوغ له مع عمه فبين الله له عذر إبراهيم - عليه الصلاة والسلام -.

ومما يدل على أن القصة سبب النزول قوله: (أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك) فالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يخشى النهي ويتوقعه، وإذا كان الأمر كذلك فكيف يتأخر النزول هذا الزمن الطويل؛ لأن براءة من آخر القرآن نزولاً، أو يتأخر النهي حتى يزور قبر أمه، هذا بعيد.

ثم أيضاً مما يدل على أن زيارته لقبر أمه لا صلة لها بالموضوع، أن استغفاره لعمه كان اتباعاً لإبراهيم - عليه السلام - في استغفاره لأبيه، وهذا الاتباع في تلك الخصلة قد انقطع بنزول آية الممتحنة: (إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ) والآية مدنية، وزيارة قبر أمه كان بعد الهجرة بل بعد إسلام أبي هريرة لأنه راوي الحديث، والله ينهى عن اتباع إبراهيم في تلك الخصلة، ويبين أنه ليس أُسوة فيها، فكيف يستغفر وبين يديه ما ترى؟

فإن قال قائل: ما تقول في استئذانه ربه أن يستغفر لأمه، وأنت تقول إن الآية نزلت في أبي طالب في مكة فكيف طلب الإذن؟

فالجواب: أن طلب الإذن لا يكون إلا من ممنوع، ولهذا قبل أن ينزل المنع قال: أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك.

ثم إن طلب الإذن في استغفاره لأمه بعد نزول الآية في أبي طالب ليس فيه إشكال لأن أبا طالب أدرك الدعوة والرسالة فلم يؤمن بخلاف أمه التي ماتت وله ست سنين فظن - عليه الصلاة والسلام - أن هذا الفرق مؤثر فاستأذن ربه في الاستغفار لها، فنهاه الله عن ذلك بدون قرآن.

* النتيجة:

أن استغفار رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعمه أبي طالب هو سبب نزول الآيتين الكريمتين، لصحة سنده، وموافقته لسياق القرآن، وميل جمهور العلماء إليه وتصريحه بالنزول واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>