للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولكن من رضي وتابع)). (١)

قال النووي: " معناه: ولكن الإثم والعقوبة على من رضي وتابع، وفيه دليل على أن من عجز عن إزالة المنكر لا يأثم بمجرد السكوت، بل إنما يأثم بالرضا به أو بأن لا يكرهه بقلبه أو بالمتابعة عليه ". (٢)

إذاً الحكم بما أنزل الله شرعة لازمة لا انفكاك للمجتمع المسلم عنها، والتولي عن شرع الله وتبديل أحكامه كفر مخرج من الملة، واتباع للهوى وعبادة للطاغوت من دون الله.

الكفر الأصغر

لكن الحكم بغير ما أنزل الله قد يكون من الكفر الأصغر، بل قد لا يكون معصية أصلاً.

وقد عدد العلماء الحالات التي لا يخرج فيها الحاكم بغير شريعة الله من الإسلام.

وأولها: أن يترك الحكم بما أنزل الله في بعض مسائله لهوى في نفسه، مع اعتقاده أن شرع الله هو الخير المطلق الذي لا يعدله هدي غيره ولا يدانيه.

يقول القرطبي: " إن حكم به [بغير ما أنزل الله] هوى ومعصية، فهو ذنب تدركه المغفرة على أصل أهل السنة في الغفران للمذنبين ". (٣)

ويقول ابن تيمية: " أما من كان ملتزماً لحكم الله ورسوله باطناً وظاهراً، لكن عصى واتبع هواه، فهذا بمنزلة أمثاله من العصاة". (٤)

يقول ابن القيم: " إن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة، وعدل عنه عصياناً، مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة، فهذا كفر أصغر". (٥)

يقول الطحاوي: " الحكم بغير ما أنزل الله قد يكون كفراً ينقل عن الملة،


(١) رواه مسلم ح (١٨٥٤).
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم (١٢/ ١٤٣).
(٣) الجامع لأحكام القرآن (٦/ ١٩٧).
(٤) منهاج السنة (٥/ ١٣١).
(٥) مدارج السالكين (١/ ٣٣٦).

<<  <   >  >>