للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال: فما غذاؤهم على إثرها؟ قال: ((ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها)).

قال: فما شرابهم عليه؟ قال: ((من عين فيها تسمى سلسبيلا)). قال: صدقت.

قال: وجئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض إلا نبي أو رجل أو رجلان؟ قال: ((ينفعك إن حدثتك؟)) قال: أسمع بأذني. قال: جئت أسألك عن الولد. قال: ((ماء الرجل أبيض، وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا فعلا منيُُّ الرجل منيَّ المرأة أذكرا بإذن الله، وإذا علا منيُّ المرأة منيَّ الرجل آنثا بإذن الله)).

قال اليهودي: لقد صدقت، وإنك لنبي، ثم انصرف فذهب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لقد سألني هذا عن الذي سألني عنه، وما لي علم بشيء منه، حتى أتاني الله به)). (١)

إذاً نخلص إلى القول بأن حوار الدعوة واجب ديني تتابعت النصوص على الدعوة إليه، وهو مطلب أخلاقي يفرضه علينا رحمتنا بالآخرين، وحرصنا على هدايتهم، واستنقاذهم من أوضار الكفر والعقاب الأخروي.

[ب. حوار التعامل]

رأينا أن بقاء الاختلاف بين البشر في أديانهم ومللهم واقع، شاءه الله بمشيئته وإرادته الكونية، فكيف يتعايش المختلفون؟ وماهو الأسلوب الأمثل لبناء العلاقات البشرية؟ أوليس هو الحوار والتعايش والبحث عن القواسم الحياتية المشتركة؟

إن الضرورة الحياتية تؤزنا للبحث عن قواسم مشتركة نبني عليها علاقاتنا، وهو ما يملي على المختلفين في عقائدهم ومذاهبهم اللجوء إلى لون آخر من ألوان الحوار، وهو حوار التعامل، وهو حوار بعيد عن أصول الدين والمعتقد، حوار تفرضه السياسة الشرعية، وتمليه طبيعة التعايش بين


(١) رواه مسلم ح (٣٥١).

<<  <   >  >>