للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن ذلك أنه لما قدم ضماد مكة أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد، إني أرقي من هذه الريح، وإن الله يشفي على يدي من شاء، فهل لك؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله))، فكانت هذه الكلمات سبباً في إسلامه، فقال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (أعد علي كلماتك هؤلاء .. لقد سمعت قول الكهنة وقول السحرة وقول الشعراء، فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، ولقد بلغنَ ناعوس البحر. فقال: هات يدك أبايعك على الإسلام). (١)

ولما كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - رسائله إلى الملوك صدّرها بالبسملة كما في رسالة هرقل ((بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم .. )). (٢)

قال النووي في فوائد الحديث: "ومنها: استحباب تصدير الكتاب ببسم الله الرّحمن الرّحيم , وإن كان المبعوث إليه كافرًا". (٣)

ولا يمنع هذا مخاطبتهم بلغاتهم وطريقتهم إذا دعت الحاجة إليه، مع الالتزام بالضوابط الشرعية، قال ابن تيمية: "أما مخاطبة أهل اصطلاح باصطلاحهم ولغتهم، فليس بمكروه، إذا احتيج إلى ذلك، وكانت المعاني صحيحة، كمخاطبة العجم من الروم والفرس والترك بلغتهم وعرفهم، فإن هذا جائز حسن للحاجة، وإنما كرهه الأئمة إذا لم يحتج إليه". (٤)

إن تعرفنا على محظورات الحوار - التي تخرج به عن ضوابط الشريعة الغرَّاء - يؤزنا لممارسة الحوار ضمن ضوابط الشريعة وآدابها، واللذان يكفلان تحقيق المقاصد والغايات الشرعية التي نتوخى الوصول إليها من خلال حوارنا مع الآخرين.


(١) رواه مسلم ح (٨٦٨).
(٢) رواه البخاري ح (٦٢٦١)، ومسلم ح (١٧٧٣).
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم (١٢/ ١٠٨).
(٤) الفتاوى الكبرى (١/ ٤٥٢).

<<  <   >  >>