للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي معنى «لكن» ثلاثة أقوال:

أحدها: وهو المشهور: «الاستدراك».

وفسر بأن تنسب لما بعدها حكما مخالفا لحكم ما قبلها، ولذلك لا بد أن يتقدمها كلام مناقض لما بعدها، نحو: «ما هذا ساكن لكنه متحرك».

أو ضد له، نحو: «ما هذا أبيض لكنه أسود».

والثاني: أنها ترد تارة للاستدراك، وتارة للتوكيد، قاله جماعة منهم «ضياء الدين الإشبيلي» صاحب البسيط.

وفسروا الاستدراك: برفع ما يتوهم ثبوته نحو قولك: «ما زيد شجاع لكنه كريم» لأن الشجاعة، والكرم لا يكادان يفترقان، فنفي أحدهما يوهم انتفاء الآخر.

ومثلوا للتوكيد بنحو: «لو جاءني زيد أكرمته لكنه لم يجيء» فأكدت ما أفادته «لو» من الامتناع.

والثالث: أنها للتوكيد دائما مثل «ان» مشددة النون.

ويصحب التوكيد معنى الاستدراك وهو قول «ابن عصفور» ت ٦٦٣ هـ (١).

حيث قال في «المقرب»: «ان، وأن ولكن» معناها التوكيد ثم قال في الشرح: معنى «لكن» التوكيد، وتعطي مع ذلك «الاستدراك». أهـ. وقال «البصريون»: ان «لكن» بسيطة.

وقال جمهور الكوفيين: هي مركبة من: «لا»، «وان» «والكاف» الزائدة، لا التشبيهية، وحذفت الهمزة تخفيفا» أهـ (٢).


(١) هو: علي بن مؤمن بن محمد الحضرمي، الاشبيلي، وعرف بابن عصفور، فقيه، نحوي، صرفي لغوي، مؤرخ، شاعر له عدة مصنفات منها: الممتع في التصريف، وشرح المقدمة الجزولية في النحو لم يكمل، وشرح ديوان المتنبي، وشرح المعرب في النحو لم يتم، وشرح الجمل في النحو للزجاجي، توفي بتونس عام ٦٦٣ هـ- ١٢٦٥ م.
انظر: ترجمته في معجم المؤلفين ج ٧ ص ٢٥١.
(٢) انظر: مغنى اللبيب ص ٣٨٣ - ٣٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>