للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحال؟ لِم نترك عبادة المعبود ونعبد العابد؟!

وكان يصلي متوارياً وصار عرقه كعبيط الدم، يقول لوقا: "وإذ كان في جهاد كان يصلّي بأشد لجاجة، وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض، ثم قام من الصلاة وجاء إلى تلاميذه" (لوقا ٢٢/ ٤٤)، يقول يوحنا فم الذهب: "من ذا لا يتعجب عندما يرى الله جاثياً ومصلياً" (١).

ومن تضرعه واستغاثته بربه ما ذكره يوحنا عن حال المسيح - عليه السلام - عندما أحيا لعازر " ورفع يسوع عينيه إلى فوق وقال: أيها الآب أشكرك، لأنك سمعت لي، وأنا علمت أنك في كل حين تسمع لي، ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت، ليؤمنوا أنك أرسلتني" (يوحنا ١١/ ٤٠ - ٤١).

والتضرع والعبادة نوع من دلائل العبودية لا يجوز نسبته إلى الله أو للمتحد معه.

ويتحدث بولس عن انتصار المسيح - عليه السلام - على الكل بما فيهم الموت، ثم يذكر خضوعه بعد ذلك لله، فيقول: "متى أخضع له الكل، فحينئذ الابن نفسه أيضاً سيخضع للذي أخضع له الكل (لله)، كي يكون الله الكل في الكل" (كورنثوس (١) ١٥/ ٢٨).

وأخيراً، فإن مما يؤكد بشرية المسيح ما أخبر من أنه عليه السلام سيدخل الجنة التي وعدها الله عباده المؤمنين، ومنهم المسيح وتلاميذه، وأنه سيشرب في اليوم الآخر ويأكل معهم، حيث قال: "في بيت أبي منازل كثيرة ... أنا أمضي لأعد لكم مكاناً ... حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً " (يوحنا ١٤/ ٢ - ٣)، وقال: " إني من الآن لا أشرب من نتاج الكرمة هذا إلى ذلك اليوم، حينما أشربه معكم جديداً في ملكوت أبي" (متى ٢٦/ ٢٩).


(١) الرأي الصريح في طبيعة ومشيئة المسيح، القمّص غبريال عبد المسيح، ص (٥٨).

<<  <   >  >>