للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الميلادي حيث يفهم من كلام (القديس) جيروم في القرن الرابع أنهم كانوا في حالة من الضعف والاضطهاد، وذلك بعد مخالفتهم لأوامر قسطنطين ومجمع نيقية (١).

ويرى بعض المحققين المسلمين أن هذه الفرقة هي التي عناها الله بقوله {فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين} (الصف: ١٤)، ويرون أنهم من عناهم المسيح بقوله: "طوبى للمساكين بالروح، فإن لهم ملكوت السماوات، طوبى للودعاء، فإنهم يرثون الأرض، طوبى للحزانى فإنهم يتعزون، طوبى للجياع والعطاش فإنهم يشبعون ... " (متى ٥/ ٣ - ٩).

وفي فترة نشأة هذه الفرقة (٧٣م) ظهر الداعية - الذي سبق ذكره - كرنثوس، ويسميه المؤرخ أوسابيوس: زعيم الهراقطة، وقد كان يعتقد أن المسيح كان مجرد إنسان بارز، كما رفض الأناجيل عدا متى (أي النص العبراني المفقود).

وفي أواخر القرن الثاني ظهر أمونيوس، فادعى بأن المسيح إنسان خارق للعادة حبيب لله، عارف بعمل الله بنوع مدهش، وأن تلاميذه أفسدوا دعوته، وبمثل هذا نادى كربو قراط، ويعرف أتباعه بالمعلمين أو المستنيرين، لكنهم بالغوا في إثبات بشرية المسيح حتى قالوا كان كسائر الحكماء، ويقدر جميع الناس أن يفعلوا مثله، ويسلكوا سلوكه، فكانت ردة فعلهم على قول القائلين بألوهيته غير صحيحة، ففي زحمة إنكارهم لألوهيته هضموه وأنقصوه عن حقه عليه الصلاة والسلام (٢).

وفي أواسط القرن الميلادي الثالث ظهرت فرقة البولينية وهم أتباع بولس


(١) انظر: عقائد النصارى الموحدين بين الإسلام والمسيحية، حسني الأطير، ص (٣٠، ٤١ - ٥٣)، موسوعة الأنبا غريغوريوس (اللاهوت المقارن)، ص (٤٠). اليهودية والمسيحية، محمد ضياء الرحمن الأعظمي، ص (٣٩٧)، المسيحية الحقة التي جاء بها المسيح، علاء أبو بكر، ص (١٣١).
(٢) انظر: عقائد النصارى الموحدين بين الإسلام والمسيحية، حسني الأطير، ص (٢٨ - ٣٢).

<<  <   >  >>