للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعروجه ... فلو قال صراحة لفهموا أنه إله بحسب الجسم الإنساني ... إن كبار ملة اليهود أرادوا أن يأخذوه ويرجموه، والحال أنه ما كان بيّن ألوهيته بين أيديهم إلا عن طريق الألغاز" (١).

ويؤكد هذا المعنى البابا شنودة حيت سئل عن سبب عدم تصريح المسيح بألوهيته، فأجاب: "لو قال عن نفسه إنه إله؛ لرجموه, ولو قال للناس: إعبدوني؛ لرجموه أيضاً وانتهت رسالته قبل أن تبدأ ... إن الناس لا يحتملون مثل هذا الأمر، بل هو نفسه قال لتلاميذه: "عندي كلام لأقوله لكم , ولكنكم لا تستطيعون أن تحتملوا الآن" (يوحنا ١٦/ ١٢) " (٢).

والخوف من اليهود ورجمهم وأذاهم لا يقبل نسبته إلى الإله أو حتى للمسيح الذي رأيناه يواجه اليهود مراراً فيقول: "الويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون .. أيها العميان ... لأنكم تشبهون القبور المكلسة، أيها الحيات والأفاعي كيف تهربون من دينونة جهنم" (متى ٢٣/ ١٣ - ٣٤)، فكيف له بعد ذلك أن يغمض على البشرية في إظهار حقيقته، ففي ذلك إضلال وتلبيس.

- أن أحداً من تلاميذ المسيح لم يكن يعتقد ألوهية المسيح، إذ لم يعبده واحد منهم، بل كلهم وجميع معاصري المسيح ما كانوا يعتقدون أكثر من نبوته، وسيمر معنا تفصيله.

- ثم إن أقوى ما يتعلق به النصارى من دليل على لاهوت المسيح المزعوم إنما نجده في إنجيل يوحنا ورسائل بولس، بينما تخلو الأناجيل الثلاثة من دليل واضح ينهض في إثبات ألوهية المسيح، بل خلو هذه الأناجيل عن هذا الدليل هو الذي دفع يوحنا - أو كاتب إنجيل يوحنا - لكتابة إنجيل عن لاهوت المسيح، فكتب في آخر القرن الميلادي الأول ما لم يكتبه الآخرون قبله، وجاءت كتابته مشبعة بالغموض والفلسفة الغريبة عن بيئة المسيح البسيطة التي صحبه بها العوام من أتباعه.

- عدم الدليل الصحيح الصريح على ألوهية المسيح جعل النصارى يحرفون في طبعات الأناجيل الجديدة، بغية خلق أدلة تسند هذه المعتقدات الغريبة عن الكتاب المقدس.

ومن ذلك إضافتهم نص التثليث الصريح الوحيد في (يوحنا (١) ٥/ ٧).


(١) إظهار الحق، رحمة الله الهندي (٣/ ٧١٨ - ٧٢٤).
(٢) سنوات مع أسئلة الناس (أسئلة لاهوتية وعقائدية "أ"، البابا شنودة، ص (٤٦)، وانظر: الله في المسيحية، عوض سمعان، ص (٣٦٩).

<<  <   >  >>