للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما جيء له بالأصم "رفع نظره نحو السماء وأنَّ، وقال: افثأ، أي انفتح، وفي الوقت انفتحت أذناه، وانحل رباط لسانه، وتكلم مستقيماً" (مرقس ٧/ ٣٤ - ٣٥)، فأنينه تضرع واستغاثة بالله لم يخيبه الله فيهما.

وقال متحدثاً عن سائر معجزاته وأعاجيبه: "دُفع إليَّ (أي من الله) كل سلطان في السماء وعلى الأرض" (متى ٢٨/ ١٨)، فكل ما يؤتاه هبة الله، ولو كان إلهاً لكانت معجزاته ذاتية تنبع من طبيعته الإلهية، ولا يحتاج إلى من يهبها له أو يمنعه إياها.

ويجدر بالذكر هنا أن مثل هذا السلطان دفع للشيطان من غير أن يقتضي ألوهيته، فقد قال للمسيح وهو يغويه بجميع ممالك الأرض: "لك أعطي هذا السلطان كله ومجدهنّ، لأنه إليّ قد دُفع، وأنا أعطيه لمن أريد" (لوقا ٤/ ٦).

وأكد المسيح - عليه السلام - أيضاً أنه لا حول له ولا قوة بغير تأييد الله له، فقال: "أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً" (يوحنا ٥/ ٣٠)، وأن هذه المعجزات عطية الله التي تدل على رسالته فحسب: "الأعمال التي أعطاني الآب لأكمّلها، هذه الأعمال بعينها التي أنا أعملها؛ هي تشهد لي أن الآب قد أرسلني" (يوحنا ٥/ ٣٦ - ٣٧).

وأما الذين رأوا معجزات المسيح فقد عرفوا أنما يصنعه عليه السلام هو من المعجزات التي يعطيها الله لأنبيائه، ولم يفهم أحد منهم ألوهية صاحب هذه المعجزات، فعندما شفي الصبي من الروح النجس "بهت الجميع من عظمة الله" (لوقا ٩/ ٣٤).

ولما شفى المرأة المقوسة الظهر " استقامت (أي المرأة بظهرها) ومجدت الله" (لوقا ١٣/ ١٣).

ولما أقام المفلوج ورأت الجموع ذلك "تعجبوا ومجدوا الله الذي أعطى الناس سلطاناً مثل هذا" (متى ٩/ ٨)، فاعتبروا المسيح من الناس لا الآلهة، وأن سلطان الشفاء قد أوتيه من قبل الله الشافي.

<<  <   >  >>