للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان - رضي الله عنه - يقرأ بهذه الحروف بعد اجتماع الصحابة على لغة قريش وحرف القرآن الذي تنزل به أول مرة، وكان يقول: (لا أدع شيئاً سمعتُه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (١).

لقد فهم الصحابة حكمة تعدد الأحرف وما تقتضيه هذه الرخصة من تنوع؛ اقتضاه تنوع لهجات القبائل العربية واختلاف طريقة نطق كل قبيلة لبعض الحروف العربية عن غيرها من القبائل، فلم يعب بعضهم على بعض قراءته، إذ علموا أن كل ذلك من عند الله.

لكن الأمر لم يكن كذلك في عهد عثمان الخليفة الثالث للنبي - صلى الله عليه وسلم -، حيث دخل في الإسلام العرب والعجم، ممن لم يفقه الأحرف السبعة، وأن الله نزل القرآن بها جميعاً تسهيلاً ورحمة بالأمة، فجعل بعضهم يخطئ الآخرين في قراءتهم، ويرى أن حرفه أصح من حرف غيره، وحصل بينهم مراء، فجاء حذيفة بن اليمان إلى الخليفة عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يشكو تنافر المسلمين بسبب اختلافهم في الحروف التي سمعوها من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى" (٢).

فاستشار عثمان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في إعادة نسخ القرآن في مصحف واحد جامع: (نرى أن نجمع الناس على مصحف واحد، فلا تكون فرقة، ولا يكون اختلاف. قلنا: فنعم ما رأيت) (٣).

وقد أسقط الجمع العثماني من الأحرف السبعة ما تعارض مع الرسم العثماني، فقد قال عثمان للجنة الكتابة: (إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن


(١) أخرجه البخاري ح (٤٤٨١).
(٢) أخرجه البخاري ح (٤٩٨٨).
(٣) أخرجه ابن أبي داود في كتاب المصاحف ح (٧٧)، وصحح إسناده ابن حجر في الفتح (٩/ ١٨).

<<  <   >  >>