للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فائدة في بيانه" (١).

كما أخبر القرآن الكريم عن وقوع الزيادة في هذه الكتب: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ} (البقرة: ٧٩)، وقال: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ الله وَيَقُولُونَ عَلَى الله الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (آل عمران: ٧٨).

لكن وقوع الزيادة والنقص في الكتاب لا يعني - بالضرورة - أن التحريف قد طال كل سطر وكل كلمة في الكتاب، بل القرآن شهد لهذه الكتب أن فيها بقية من الحق الذي أنزله الله {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} (آل عمران: ٧١).

ومن بقايا الحق الذي شهد القرآن بوجوده حكم الرجم للزاني والزانية، فهو موجود في سفر التثنية في الإصحاح الثاني والعشرين، لذلك قال الله: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللهِ} (المائدة: ٤٣)، فكون حكم الله بشأن الزانيين موجوداً فيها لا يعني أن كل ما فيها هو حكم الله تعالى، فاسم التوراة باق عليها رغم تحريفها، فهي التوراة المحرفة؛ لا المنزلة (٢).


(١) تفسير القرآن العظيم، ابن كثير (٣/ ٦٧).
(٢) ليس بالضرورة أن تكون العندية دليلاً على أن المخاطبين بالسياق القرآني المعاصرون للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن القرآن حين يخاطب بني إسرائيل يخاطبهم كأمة واحدة، ويتجاوز في خطابه معهم حدود الزمان، فيقول لهم: {أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ} (البقرة: ٨٧)، مع أن قتل الأنبياء لم يقم به جيل واحد منهم، ومثله قوله: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ} (البقرة: ٥٥)، والقائل حقيقة أجدادهم، ومثل هذا كثير في القرآن يطول المقام بتتبعه.

<<  <   >  >>