للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فألزم المثنى الألف في قوله: (بين أذناه)، ولم يقل (بين أذنيه) كما هو معهود في قواعد اللغة التي كتبها النحاة بعده حسب الشائع عند غير قبيلته من قبائل العرب.

ومثله قول جرير بن عبد العزى الحارثي:

فأطْرَقَ إطْرَاقَ الشُّجاعِ وَلَوْ رَأى ... مَساغاً لِناباهُ الشُّجاعُ لصَمّما (١)

فألزم المثنى الألف في قوله: (لناباه)، مع أنه مجرور باللام، فهذه لغة قومه، وهم من هم في الفصاحة والبلاغة.

ومثله قول الآخر:

أعرف منها الجيدَ والعينانا ... ومَنخران أشبها ظبيانا (٢)

وفيه من شواهد مسألتنا ثلاث كلمات (العينانا) و (منخران) و (ظبيانا)، فهي جميعا مثنى منصوب بالألف؛ خلافاً لما قعَّده العلماء بعد ذلك وفقاً للمشهور في لغة العرب من نصب المثنى بالياء.

الوجه الثاني: أن من العرب الأقحاح الفصحاء من يقلب كل ياء ساكنة انفتح ما قبلها إلى (ألف).

وبمثل هذا قال أبو النجم العِجْلي:

واهاً لسلمى ثم واهاً واها ... هي المنى لو أننا نلناها

ياليت عينَاها لنا وفاها ... بثمن نُرضي به أباها

إن أباها وأبا أباها قد ... بلغا في المجد غايتَاها

فقد أبدل الشاعر الياء الساكنة المفتوح ما قبلها بالألف في قوله: (عيناها بدلاً من عينَيْها) وكذلك (غايتاها بدلاً من غايتَيْها).


(١) انظر: المصدر السابق (١١/ ٢١٧)، وسر صناعة الإعراب، ابن جني (٢/ ٧٠٤).
(٢) شرح ابن عقيل (١/ ٧٣)، وانظر: سر صناعة الإعراب، ابن جني (٢/ ٧٠٥).

<<  <   >  >>