للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِالله إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ الله عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (النور: ٦ - ٩).

ولن يفوتنا التنبيه إلى أمر مهم، وهو تساوي شهادة المرأة بالرجل في أهم الشهادات التي لا مدخل فيها للعاطفة الغالبة على المرأة أو قلة الخبرة، أي حين يكون الاعتماد على مجرد الذكاء والحفظ، وذلك في الأمور الدينية، فتقبل رواية المرأة للحديث كالرجل تماماً، ومثله في سائر العلوم.

وقد جعل الشارع شهادة المرأة معتبرة في بعض المسائل التي قد لا يقبل فيها شهادة الرجال، كالأمور النسائية التي لا يطلع عليها الرجال عادة، كإثبات الولادة وحيضة المطلقة وطهرها في قوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ} (البقرة: ٢٢٨).

وفي الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل شهادة امرأة واحدة في الرضاع، ففي حديث عقبة بن الحارث أنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت أمة سوداء، فقالت: قد أرضعتكما. فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ففرق بينهما (١).

إن التشريع القرآني الذي جعل شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل في مسائل الدَيْن وأمثالها لم يصنعه إجحافاً بحقها أو استهانة بمقامها وإنسانيتها، وإنما هو مراعاة لقدراتها ومواهبها، وإلا فإن أهليتها كأهلية الرجل تماماً في كثير من المعاملات كالبيع والشفعة والإجارة والوكالة والشركة والوقف والعتق ...


(١) أخرجه البخاري ح (٢٦٥٩).

<<  <   >  >>