للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مفارقتهم، أشهدكم أنهم أحرار كلهُم (١).

كما حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - وتوعد الذين يسيئون معاملة الرقيق بالحرمان من الجنة، وهي أغلى مطلوب ومرغوب، فقال: «لا يدخل الجنة بخيل ولا خِب ولا خائن ولا سيئ الملكة، وأول من يقرع باب الجنة المملوكون إذا أحسنوا فيما بينهم وبين الله عز وجل، وفيما بينهم وبين مواليهم» (٢).

ولإنسانية الرقيق وحرصاً على مشاعرهم تهدد - صلى الله عليه وسلم - من يفرق شمل الأسرة المملوكة بقوله: «من فرق بين والدة وولدها فرَّق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة» (٣).

وما زال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوصي بالعبيد لضعفهم، ولم ينس الوصاة بهم حتى وهو على فراش الموت، في اللحظات الأخيرة من حياته - صلى الله عليه وسلم -، يقول أنس بن مالك: كانت عامة وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين حضره الموت: «الصلاة، وما ملكت أيمانكم» حتى جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغرغر بها صدره، وما يكاد يفيض بها لسانه (٤).

ولئن كانت الأديان الأخرى تغلظ للعبد في عقوبته على الذنب ما لا تغلظه على السيد؛ فإن الإسلام يخفف عقوبة العبد ويجعلها دون عقوبة الحر؛ مراعاة لحاله وضعفه الذي قد يوقعه بالمعصية، ومن ذلك تخفيف عقوبة الزنا إلى النصف من عقوبة الحر {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} (النساء: ٢٥).

وفي حديث ابن عباس أن عبداً من رقيق الخمس سرق من الخمس، فرفع


(١) أخرجه أحمد ح (٢٥٨٦٥)، والترمذي ح (٣١٦٥).
(٢) أخرجه أحمد ح (١٤)، ونحوه عند الترمذي ح (١٩٤٦)، وابن ماجه ح (٣٦٩١).
(٣) أخرجه أحمد ح (٢٢٩٨٨) والترمذي ح (١٥٦٦).
(٤) أخرجه ابن ماجه ح (٢٦٩٧)، وأحمد ح (١١٧٥٩)، واللفظ له.

<<  <   >  >>