للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها؛ فلم أجدها إلا مع خزيمة بن ثابت الأنصاري) (١).

قال الزرقاني في بيان معنى قول زيد: "لم يجد الآيتين اللتين هما ختام سورة التوبة مكتوبتين عند أحد إلا عند أبي خزيمة، فالذي انفرد به أبو خزيمة [أو خزيمة] هو كتابتهما، لا حفظهما، وليس الكتابة شرطاً في المتواتر، بل المشروط فيه أن يرويه جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب ولو لم يكتبه واحد منهم، فكتابة أبي خزيمة الأنصاري كانت توثقاً واحتياطاً فوق ما يطلبه التواتر" (٢).

واستدل لذلك بما روي عن الصحابة من حفظهم لهاتين الآيتين، أولهم زيد نفسه، فهو يعرف الآية، لكنه يبحث عمن يعرفها من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما فعل في سائر آيات القرآن، لذلك يقول زيد- كما في رواية البخاري -: (فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها، فالتمسناها، فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري)، فزيد يعرف الآية ويبحث عمن يعرفها من الصحابة (٣).

وكذلك فإن أُبي بن كعب يحفظ هاتين الآيتين، ففي تفسير ابن أبي حاتم أن أُبياً قال للصحابة لما ظنوا أن آخر ما نزل قوله: {ثُمَّ انصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُم}، فقال: (إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرأني بعد هذا آيتين: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ} إلى قوله: {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}) (٤).


(١) أخرجه البخاري ح (٢٨٠٧).
(٢) مناهل العرفان، الزرقاني (١/ ٩٨).
(٣) أخرجه البخاري ح (٤٠٤٩).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٦/ ١٩١٩)، وابن أبي داود في المصاحف ح (٩٧)، وابن ضريس في فضائل القرآن ح (٢٦).

<<  <   >  >>