للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يسمى بظاهرة النَحْل في الشعر العربي، حيث عمد بعض الرواة كـ (حماد بن هرمز الراوية تـ ١٥٥هـ، وتلميذه خلف الأحمر تـ١٨٠هـ) زمن العباسيين إلى وضع أشعار من إنشائهم ونسبوها إلى الجاهليين.

ولإلقاء نظرة على طريقة وصول شعر امرئ القيس إلينا ننقل قول الأصمعي: "كل شيء في أيدينا من شعر امرئ القيس، فهو عن حماد الراوية إلا شيئاً سمعناه من أبي عمرو بن العلاء" (١)، فمن هو حماد هذا؟ وما موثوقيته؟

يقول محمد بن سلام الجمحي: "أول من جمع أشعار العرب وساق أحاديثها حماد الراوية، وكان غير موثوق به، وكان ينحل شعر الرجل غيره، وينحله غير شعره، ويزيد في الأشعار" (٢).

ويقول أبو حاتم: "كان بالكوفة جماعة من رُوَاة الشعر مثل حمّاد الراوية وغيره، وكانوا يصنعون الشعر، ويقتنون المصنوع منه، وينسُبونه إلى غير أهله.

وقد حدثني سعيد بن هريم البرجمي قال: حدثني من أثق به أنه كان عند حماد حتى جاء أعرابي، فأنشده قصيدة لم تعرف، ولم يدرِ لمن هي، فقال حماد: اكتبوها، فلما كتبوها وقام الأعرابي، قال حماد: لمن ترون أن نجعلها؟ فقالوا أقوالاً، فقال حماد: اجعلوها لطَرَفَة.

وقال الجاحظ: ذكر الأصمعي وأبو عبيدة وأبو زيد عن يونس أنه قال: إني لأعجب كيف أخذ الناس عن حماد وهو يلحن ويكسر الشعر ويصحّف ويكذب، وهو حماد بن هرمز الديلمي.

قال أبو حاتم: قال الأصمعي: جالستُ حماداً فلم أجد عنده ثلاث مائة


(١) المزهر في علوم اللغة، السيوطي (٢/ ٣٤٨)، وانظر: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، جواد علي (١٤/ ٦٦).
(٢) طبقات فحول الشعراء، ابن سلام (١/ ٤٨).

<<  <   >  >>