للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعاً: هل القرآن منحول من شعر أمية ابن أبي الصلت؟

قالوا: القرآن من تأليف محمد [- صلى الله عليه وسلم -]، وقد نقل فيه من شعر أمية بن أبي الصلت الذي يقول في قصيدته:

وَيَوْم مَوْعِدِهِمْ أنْ يُحْشَرُوا زُمَراً ... يَوْم الَتَّغَابُنِ إذ لا يَنفَعُ الحَذَرُ

مُسْتَوسِقِينَ مَعَ الدَّاعِي كَأَنَّهُمُ ... رِجْلُ الجَرادِ زَفَتْهُ الرَّيحُ مُنْتشرُ

وأُبرزووا بصعيد مستوٍ جُرُزٍٍ ... وأُنْزِلَ العَرْشُ والميزانُ والزُبُرُ

تَقُولُ خُزَّانُها مَا كَانَ عِنْدَكُمُ ... أًلُمْ يَكُنْ جَاءَكُمْ مِنْ رَبَّكُمْ نُذُرُ

وفيها كبير شبه مع ما نجده في سور القرآن من معان، فدل ذلك - بحسب فهمهم - على أن القرآن منحول من شعر هذا الشاعر العربي.

والجواب: أن أمية بن أبي الصلت شاعر عربي مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام، وكان من الحنفاء الرافضين لعبادة الأصنام والأوثان، ورأى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وسمع منه سورة (يس) في مكة، فتبعته قريش تسأله عن رأيه فيه، فقال: أشهد أنه حق، قالوا: هل تتبعه؟ قال: حتى أنظر في أمره. وخرج إلى الشام.

وهاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، وحدثت وقعة بدر، فعاد أمية من الشام يريد الإسلام، فقال له قائل: يا أبا الصلت ما تريد؟ قال: أريد محمداً قال: وما تصنع؟ قال: أومِن به، وألقي إليه مقاليد هذا الأمر. قال: أتدري من في القليب [قليب بدر حيث أُلقي قتلى المشركين]؟ قال: لا. قال: فيه عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وهما ابنا خالك [أمه ربيعة بنت عبد شمس]، فامتنع من الإسلام، وأقام في الطائف حتى مات في السنة التاسعة من الهجرة (١).

فأمية معاصر للنبي - صلى الله عليه وسلم -، سمع منه القرآن فتأثر به، وكاد أن يسلم لولا


(١) البداية والنهاية، ابن كثير (٢/ ٢٨٥).

<<  <   >  >>