للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وله عندما شارف الكهولة، واستأنف قَطع صُرةٍ كانت موصولةً:

أمّا أنا فَقَدْ أرْعَويتُ عن الصِّبَا ... وَعَضَضْتُ من نَدَمٍ عليهِ بَنَاني

وأطَعْتُ نُصَّاحي ورُبَّ نصيحةٍ ... جاءوا بها فَلَجَجْتُ في العِصْيَانِ

أيّامَ أسْحَبُ من ذيول شَبِيبَتي ... مَرَحاً وأعْثَرُ في فُضولِ عِنَاني

وأُجلُّ كَأسي أنْ تُرَى موضوعةً ... فعلى يدي أو في يدي نَدْمَاني

أيّامَ أحْيا بالغَواني والغِنَا ... وأموتُ بين الرَّاحِ والرَّيْحَانِ

في فِتْيَةٍ فرضوا اتّصالَ هَوَاهُمُ ... فمُنَاهُمُ دَنٌّ من الأدْنَانِ

هَزَّتْ عُلاهم أرْيَحيَّاتِ الصِّبَا ... فهي النَّسيمُ وهُمْ غُصُونُ البَانِ

من كُلِّ مخلوع الأعِنَّةِ لم يُبَلْ ... في غيِّهِ بِتَصَارُفِ الأزْمَانِ

وله حين أقلعَ وأنَاب، وودّع ذلك الجناب، وتزهّد وتتنسَك وتمسَّك من طاعة الله بما تَمسَّك، وثاب يوماً يتَجرَّدُ من أملِه وينفرِدُ فيه بعَلمِه:

الموتُ يُشْغِلُ ذِكْرُهُ ... عن كُلِّ مَعْلُومٍ سِبوَاهْ

فاعمَرْ له رَبْعَ ادّكا ... رك بالعشيّةِ والغَدَاهْ

<<  <   >  >>