للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُبَاري المُزْنَ ما سحَّتْ سَماحاً ... وإن شحَّت فليسَ لديهِ شُحُّ

وكان مرتسماً في عسكر قُرطبة، وكان ابن سراج يأتي بكلّ ما يبغي خيفَةً من لِسانه، ومُحافَظة على إحسانه، فلمَّا خرج إلى أُقلِيش خرج معه، وجعل يُساير من شيَّعه، فلما حصلوا بَفحصِ سُرَادِق، وهو موضع توديع المُفارق للمفارق، قرب منه أبو الحسين بن سِرَاج لوداعه، وأنشده في تفرّق الشّمل وانصِدَاعه:

هُمُ رَحَلوا عنَّا لأِمْرٍ لهم عَنَّا ... فما أحَدٌ منهم على أحَدٍ حَنَّا

وما رحلوا حتى استقادوا نُفُوسَنَا ... كأنَّهُم كانوا أحقَّ بِهَا مِنَّا

فيا ساكني نَجْدٍ لتبعد داركمْ ... ظنَّنا بكم ظَنَّاً فأخلفتم الظَّنَّا

غدرتُم ولم أغْدُرْ وخُنْتُم ولم أخنْ ... وقلتم ولم أعْتِب وجُرْتُم وما جُرْنا

وأقسمتم أن لا تخونونَ في الهَوَى ... فَقَدْ، وذِمام الحُبِّ خُنْتم وما خُنَّا

تُرَى تَجْمعُ الأيّامُ بيني وبَيْنَكُم ... ويجمُعَنا دَهْرٌ نَعُودُ كما كُنَّا

فلمّا استتمّ إنشاده لحق بالسُّلطان واعتذر إليه بمريض خلّفه وهو يخاف تَلفه، فأذن له بالانصراف، وكتب إلى أبي الحُسين بن سِرَاج:

<<  <   >  >>