للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفتنة عند اتّقادها فأبرمت عُراها، وارتبطت أولاها وأُخراها، فظهرت البيعة واتّضحت، وأُعلِنَت الطّاعة وأُفصِحَت، وصاروا تاج مَفرِقِها، ومِنهاج طُرُقِهَا، وأبو عَبدة هذا ممّن بلغ الوزارة وأدركها، وحلّ مطلعها وفلكها، مع اشتهار في اللُّغة والآداب، وانخراط في سِلك الشعراء والكُتَّاب، وإبداع لما ألّف، وإنتهاض بما تكلّف ودخل على المنصور وبين يديه كتاب ابن السري وهو به كلف، وعليه مُعتكف، فخرج من عنده وعمل على مثاله كتاباً سمّاه بكتاب: ربيعة وعقيل، جرّد له من ذهنه أيّ سَيف صقيل، وأتى به مُنتسخاً مصوَّراً في ذلك اليوم من الجمعة الأخرى، وأبرزه والحسن يبتسّم عنه ويتعرَّى، فَسُرَّ به المنصور وأُعجِبَ، ولم يَغِب عن بصره ساعةً ولم يَحتجب، وكان لأبي عبدة بعد هذه المدّة حين أدجّت الفتنةُ لَيلها، وأزجَت ابلَهَا وخَيلها، اغتراب كاغتراب الحارث بن مُضاض، واضطراب بين القوافي والمواضي كالحيّة النَّضناض، ثم اشتهر بَعدُ، وافترّ له

<<  <   >  >>