للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألا ترى أنه لم يجز أن تقول زيدا أكرمت إلا بعد أن جاز أكرمت زيدا فلو لم يجز تقديم مصروف الذي هو خبر ليس على ليس وإلا لما جاز تقديم معموله عليها.

والذي يدل على ذلك أن الأصل في العمل للأفعال وهي فعل بدليل إلحاق الضمائر وتاء التأنيث الساكنة بها وهي تعمل في الأسماء المعرفة والنكرة والظاهرة والمضمرة كالأفعال المتصرفة فوجب أن يجوز تقديم معمولها عليها.

وعلى هذا تخرج نعم وبئس وفعل التعجب وعسى حيث لا يجوز تقديم معمولها عليها أما نعم وبئس فإنهما لا يعملان في المعارف الأعلام بخلاف ليس فنقصتا عن رتبتها.

وأما فعل التعجب فأجروه مجرى الأسماء لجواز تصغيره فبعد عن الأفعال ومع هذا فلا يتصل به ضمير الفاعل وإنما يضمر فيه ولا تلحقه أيضا تاء التأنيث بخلاف ليس فنقص عن رتبتها.

وأما عسى وإن كانت تلحقها الضمائر وتاء التأنيث كليس إلا أنها لا تعمل في جميع الأسماء.

ألا ترى أنه لا يجوز أن يكون معمولها إلا أن مع الفعل نحو عسى زيد أن يقوم ولو قلت عسى زيد القيام لم يجز فأما قولهم في المثل عسى الغوير أبؤسا فهو من الشاذ الذي لا يقاس عليه فلما كان مفعولا مختصا بخلاف ليس نقصت عن رتبة ليس فجاز أن يمنع من تقديم معمولها عليها.

ولا يجوز أن تقاس ليس على (ما) في امتناع تقديم خبرها عليها لأن ليس تخالف ما بدليل أنه يجوز تقديم خبر ليس على اسمها نحو ليس قائما زيد ولا يجوز تقديم خبر ما على اسمها فلا يقال ما قائما زيد وإذا جاز أن تخالف ليس ما في جواز تقديم خبرها على اسمها جاز أن تخالفه في جواز تقديم خبرها عليها وتلحق بأخواتها. (٣١٥)


(٣١٥) الإنصاف في مسائل الخلاف ... ج ١ ص ١٦٣

<<  <   >  >>