للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمنكر: هو التكذيب، فهو أنكر المنكر ".

وعن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أُعْطِيتُ مَا لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِياءِ قلنا: يا رسول اللَّه، وما هو؟ قال: " نُصِرتُ بِالرُّعْبِ، وَأُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ، وَسُميتُ أَحْمَدَ، وَجُعِلَ التُّرَابُ لِى طَهُورًا، وَجُعِلَتْ أُمَّتِي خَيْرَ الأُمم ".

قال الشيخ - رحمه اللَّه -: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ) له وجهان:

أي: (كُنْتُمْ) على ألسن الرسل في الكتب المتقدمة خير أمة.

ويحتمل: أي: كنتم صرتم بإيمانكم برسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، واتباعكم ما معه - خير أمّة على وجه الأرض؛ لأنهم آمنوا ببعض، وكفروا ببعض.

وقوله: (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ): يتوجّه إلى وجوه ثلاثة:

المعروف: هو المعروف في العقول، أي: الذي تستحسنه العقول، والمنكر: هو الذي قبحته العقول وأنكرته.

ويحتمل أن يكون المعروف: هو الَّذي عرف بالآيات والبراهين أنه حسن، والمنكر: ما عرف بالحجج؛ أي: أنه قبيح.

ويحتمل أن المعروف: هو الذي جاء على ألسن الرسل أنه حسن، والمنكر:، هو الذي أنكروه ونهوا عنه.

فعلى هذه الوجوه يخرج تأويل الآية، واللَّه أعلم.

وقوله: (وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ)

لا شك أن الإيمان خير لهم من الكفر، ولكن معناه - واللَّه أعلم - أنهم إنما أبوا الإيمان وتمسكوا بالكفر لوجهين:

أحدهما: أنهم كانوا أهل عزة وشرف فيما بينهم، وأهل دراية؛ ينتاب إليهم الناس، ويختلفون إليهم بحوائجهم، فخافوا ذهاب ذلك عنهم إذا آمنوا، فأخبر اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - أنهم إن آمنوا لكان خيرًا، لهم من الذكر والشرف والعز في أهل الإيمان أكثر مما لهم في أهل الكفر؛ ألا ترى أن من آمن منهم مِنْ دَرَسة الكتاب وعلمائهم - كان لهم من الذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>