للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في ذلك، وظاهر القرآن يدل على أن ذلك هو الحق؛ لأن اللَّه - تعالى - قد فَصل في غير هذا الموضع بين التزويج وملك اليمين، فجعل ملك اليمين الإماء؛ ألا ترى إلى قوله: (إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ) وقال: (لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ)، فهاتان الآيتان تدلان على أن قول اللَّه - سبحانه وتعالى - في آية المحصنات: (إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) على غير الأزواج، كما روي عن الجماعة من الصحابة - رضوان اللَّه عليهم أجمعين - الذين ذكرناهم، ثم الكلام بين علي وابن مسعود - رضي اللَّه عنهما - ونحن نعلم أن ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أوجب على الأمة إذا باعها مولاها ولها زوج - العدة؛ إذا كان قد دخل بها، وأنها عنده لا تحل لمولاها حنى تنقضي عدتها، فلم يجعلها حلالا للمولى الثاني بملكه إياها؛ فكان قول علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أشبه بظاهر الآية؛ لأنه تأول الآية على متزوجة تحل بالملك لمولاها في حال الملك من قول عبد اللَّه؛ إذ جعلها محرمة وإن كانت مملوكة حتى تمضي عدتها.

وفي ذلك وجه آخر: وهو أن اللَّه - تعالى - قال: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) وعند اللَّه يحرمها على البائع ويحلها للمشتري، ولم يخص اللَّه - تعالى - أحدًا من المالكين.

وروي عن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حمل الآية على امرأة كافرة متزوجة سبيت، فأحلها اللَّه - تعالى -: هي لمالكها، فلم تعرف من حال المملوكة، هذا مع موافقة الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وظاهر الآية يدل على أن المأسورة ذات الزوج لا عدة عليها، وهو قوله - تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ. . .) إلى قوله: (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ)، فأمر ألا يردهن إليهم وينكحهن، فلما جاز أن يتزوج الحرة إذا خرجت مسلمة ولا عدة عليها، حلت إذا سبيت فملكت قبل أن تعتد.

والثاني: إنها كانت حرة، فأبطل السبي حكم الحرية والزوجية، فكذلك يبطل حكم العدة.

هذا كله إذا سبيت ولم يكن معها زوجها، فأما إذا سبيت وزوجها معها، فإن الفرقة لا

<<  <  ج: ص:  >  >>