للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهج يعيد للنقل مكانته التي ضاعت على يد المعتزلة حين جعلوا الدليل النقلي فرعًا يتبع الدليل العقلي.

" فظهر في آخر القرن الثالث رجلان امتازا بصدق البلاء: أحدهما: أبو الحسن الأشعري، ظهر بالبصرة، والثاني: أبو منصور الماتريدي ظهر بسمرقند، وقد جمعهما مقاومة المعتزلة ".

وينسب مذهب الأشاعرة إلى أبي الحسن الأشعري " ٢٦٠ - ٣٣٠ هـ ".

ولد أبو الحسن بالبصرة وتخرج في أصول الاعتقاد على المعتزلة، حيث تتلمذ على شيخ من شيوخهم المبرزين هو أبو علي الجبائي ولازمه ملازمة أتاحت له شيئًا غير قليل من النبوغ حتى عُدَّ من كبار رجال المعتزلة، فلا غرو أن كان الجبائي ينيبه عنه في حضور كثير من المجادلات والمناظرات التي كان المعتزلة يخوضونها مع خصومهم ومخالفيهم.

الأشعري مؤسس مذهب الأشاعرة:

ولم يكد أبو الحسن الأشعري يبلغ الأربعين من عمره حتى تحول عن مذهب المعتزلة وأنكر طريقتهم في درس العقائد، وكفر بآرائهم وأصولهم.

ويورد الدارسون أسبابًا تبرر هذا التحول، لعل من أهمها تلك المناظرة الشهيرة التي كانت بين الأشعري وشيخه الجبائي حول: وجوب فعل الصلاح والأصلح على اللَّه، حيث سأل الأشعري أستاذه الجبائي عن حال ثلاثة أخوة: الأكبر فيهم مؤمن تقي، والأوسط كافر شقي، والثالث مات صغيرًا قبل بلوغه سن التكليف، قال الجبائي: أما التقي ففي الجنة، وأما الكافر ففي النار، وأما الثالث فلا يثاب ولا يعاقب فهو من أهل السلامة؛ لأنه ليس مكلفًا.

فعاد الأشعري وساله: فماذا يقول اللَّه للصغير إن هو أراد أن يكون مثل أخيه الأكبر في الجنة؛ محتجًّا بأنه لو طال عمره لأطاع واستحق الجنة؟! فرد الجبائي بأن اللَّه يقول له: كنت أعلم أنك لو كبرت لوقعت في المعاصي، ولدخلت النار؛ فكان الأصلح لك أن تموت صغيرًا.

قال الأشعري: فما الرأي لو قال الأخ الأوسط المعذب في النار: لم لم تمتني يا رب صغيرًا حتى لا أعصيك ولا أعذب في النار؟! فلم يستطع الجبائي الإجابة على هذا السؤال

<<  <  ج: ص:  >  >>