للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنعام، وكان في فعل الخير ذلك، لا بالأمر والنهي؛ إذ هما يستويان في كل واحد، والله أعلم.

ثم أوضح ذلك خبر عبد اللَّه، فطعنه قوم لمخالفة المصحف المعروف، قلنا: ليس بذي خلاف، إنما هو بيان المطلق، وقد يقبل خبر الآحاد في مثله، واللَّه أعلم.

وقيل: خبر عبد اللَّه من خبر الآحاد، ولعله ليس قبل مصحفه كلمة ترُوى عنه العامة لا تحتمل التبديل، وأما خبره عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ إذ لا يجوز اختراع القراءة مرفوع، وخبر الفرد فيه يقبل، فيما لا خلاف فيه، وإن كان فيه تأويل الظاهر، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا).

قيل في حرف حفصة: " وأرسلناك إلى الناس رسولا "،

(وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا)

قيل: (وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) أي: بأنك رسول اللَّه.

وقيل: (وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) على ما يضمرون في قلوبهم.

وقيل: فلا شاهد أفضل من اللَّه بأنك رسوله

وفي قوله -أيضًا-: (وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) وجوه:

أحدها: إن جحدوا تبليغك في الدنيا، أو يقولوا: لم تعلم رسالتك.

والثاني: أن يكون بالآيات التي جعلها اللَّه - تعالى - لرسالتك تحقق، وشهادة اللَّه لك بالرسالة شهيدًا، لك، أو مبينا، أو حجة.

والثالث: أن يكون جعل علم الأنبياء والرسل - عليهم السلام - وتبليغهم الخبر إليهم شهادته وكفي به شهيدا على ما أضاف بيعة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إليه، ونصر أوليائه إليه، قال اللَّه - تعالى -: (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ).

ويحتمل: شهيدًا مبينًا، أو حكمًا مبينًا، فمعناه: فيبين لهم بالمعاينة ما كان بينه بالدلالة والآيات، وحكمًا فاصلا بين المحق والمبطل؛ فيخرج الوجهان جميعًا مخرج الإعراض عن المحاجة بما ظهر من العناد والمكابرة، وتفويض الأمر إلى اللَّه وإخبار عن الفراغ مما كان عليه فيهم من حق البلاغ، ولا قوة إلا باللَّه.

* * *

قوله تعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (٨٠) وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>