للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويحتمل: إنكم لا تقدرون على هداهم إذا لم يهدهم اللَّه؛ كقوله - تعالى -: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)،

وفي قوله -أيضًا-: (أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا) قيل: أن يُسَمَّوْا مهتدين، وقد أظهر اللَّه - تعالى - ضلالهم؛ صلة لقوله - تعالى -: (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ) وحذرهم عن الاختلاف في التسمية بعد البيان.

وقيل: أن تجعلوهم مهتدين، وقد جعلهم ضالين على نحو قوله - تعالى -: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) الآية، أَيَّدَنَا تَمَامُ الآية، وأوضح الأول قوله: (وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا) يقول: من أضله اللَّه عن الهدى فلن تجد له سبيلا يهتدي به، وقيل: دينا، وقيل: مخرجا، وهو واحد، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ... (٨٩)

قيل: ود الذين تركوا، الهجرة، فرجعوا إلى أهلهم ومنازلهم، الذين لهم قال اللَّه: (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ) - أن تكفروا كما كفروا، أي: تتركون الهجرة وترجعون كما رجعوا منهم؛ فتكونون أنتم وهم سواء؛ شرعًا في الكفر، فسماهم اللَّه كفارًا، وأمرهم بالبراءة منهم؛ فقال:

(فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ)

بالهجرة الأولى؛ كقوله - تعالى -: (لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ)، وقال اللَّه - تعالى -: (لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ)، وكقوله - تعالى -: (لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ)، نهاهم أن يتخذوا أولياء حتى يهاجروا هجرة ثانية إلى المدينة، ويثبتون على ذلك.

هذا على قول من قال: إنهم كانوا هاجروا ثم لحقوا بمكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>