للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنما هم سراق تقطع أيديهم فقط.

وقال غيرهم: نزلت الآية بالحكم في المشركين إذا قطعوا الطريق وأخافوه، لكن يتحرى ذلك الحكم في المسلمين، إذا قطعوا الطريق على الناس وأخافوهم.

روي عن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: " وادع رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أبا بردة هلال بن عويمر الأسلمي، فجاء أناس يريدون الإسلام، فقطع الطريق عليهم؛ فنزل جبريل - عليه السلام - على رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بالحد فيهم: أن من قتل وأخذ المال - صُلب، ومن قَتَل ولم يأخذ المال - قُتِلَ، ومن أخذ المال ولم يقتل - قطعت يده ورجله من خلاف، ومن جاء مسلمًا - هدم الإسلام ما كان في الشرك "؛ فدل حديث ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - على أن الآية نزلت في الموادعين غير المحاربين.

روي عن أنس قال: " إن أناسًا من عُكْل أو عُرَينة أتوا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فشكوا إليه الجهد، فبعث معهم بلقاح وراعيا، وقال لهم: " اشْرَبُوا أَلْبَانَهَا، وَتَدَاوَوْا بِأبْوَالِهَا "، فلما أن صَحُّوا قتلوا راعي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - واستاقوا الإبل، وارتدوا عن الإسلام؛ فبعث في آثارهم، فأتى بهم بعد ما ترجل بهم النهار، فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم، وقطع ألسنتهم، وتركوا بالمكان حتى ماتوا؛ فنزلت الآية ".

وروي عن علي - رضي اللَّه عنه - ما يخالف هذا؛ روي: " أن حارثة بن بدر حارب اللَّه ورسوله، وسعى في الأرض فسادًا، وتاب من قبل أن يقدر عليه، فكتب علي بن أبي طالب إلى عامله بالبصرة: أن حارثة قد تاب قبل أن يقدر عليه؛ فلا تتعرض له إلا بالخير " ألا ترى أن حارثة قد أطلق فيه أنه حارب اللَّه ورسوله وكان مؤمنًا؟! فهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>