للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول أبو عذبة: إنه لو وقع منه -سبحانه وتعالى- تعذيب العبد الطائع لم يكن ذلك منه ظلمًا ولا عدوانًا؛ لأنه متصرف في ملكه بالتعذيب وتركه، فله ما يختار منهما، لكنه سبحانه وتعالى جاد في حق العباد بالإحسان إليهم بترك العقاب.

وبذلك يظهر أن تعذيب الطائع لا يقع من اللَّه سبحانه وتعالى شرعًا عند كل من الماتريدية والأشاعرة، لكن الأشاعرة يجيزون وقوع ذلك عقلًا؛ لأن اللَّه تعالى متصرف في ملكه.

[المسألة الثالثة: التكوين]

لقد اختلف الماتريدية مع الأشاعرة في مسألة التكوين، فقد أثبتها الماتريدية، ونفاها الأشاعرة، كما سيظهر فيما يلي:

الماتريدية:

يقول السادة الماتريدية بأن التكوين صفة حقيقية زائدة غير القدرة والإرادة؛ إذ هو صفة أزلية، وغير المكون الحادث، وقدم التكوين لا يستلزم قدم المكوَّن، وأما كون التكوين غير المكوَّن؛ لأنه لو كان التكوين عين المكوَّن لم يكن من اللَّه تعالى شيء يوجب كونه خالقًا للعالم سوى أن ذات الباري أقدم من العالم، وكون ذاته أقدم من غيره لا يوجب كونه خالقًا. والقول بأن التكوين عين المكوَّن يؤدي إلى قدم العالم، وكونه بنفسه لا بغيره، وما لا يحتاج في حصوله إلى غيره كان قديمًا، فدل ذلك على أن التكوين غير المكوَّن.

يقول الماتريدي: " إن صفته التي هي الفعل هي صفة ذاته، فيقال: اللَّه خالق ورحمن ورحيم وقد سمى به ذاته ".

الأشاعرة:

أما الأشاعرة فيقولون بأن التكوين ليس صفة حقيقية له، لكنه أمر اعتباري يحصل في العقل من نسبة المؤثر إلى الأثر، وإضافته إليه، فهو من صفات الأفعال، وهي عند الأشعرية حادثة، لا من الصفات الذاتية، والتكوين عين المكوَّن، والتخليق هو القدرة

<<  <  ج: ص:  >  >>