للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتعاطون ذلك دون المسلمين، وترك عامة العبادات في المسلمين؛ لأنهم هم الذين يرغبون فيها: من ذلك قوله - تعالى -: (الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. . .) الآية، وما ذكر في ابني آدم.

وقوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا. . .) الآية: ذكر عن ابن عَبَّاسٍ أنه قال: " نزلت في طعمة بن أبيرق؛ سرق درع جاره؛ فنزلت الآية "، وعلى ذلك قال عامة أهل التأويل، ثم صار ذلك الحكم في المسلمين إذا ارتكبوا تلك الأجرام، وفيه دليل جواز القياس، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ ... (٤٠)

ذكر هذا - واللَّه أعلم - على أثر قوله: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)، وعلى أثر قوله: (الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. . .) الآية -: أن له ملك السماوات والأرض، وله أن يعذب من يشاء بعد التوبة وقبل التوبة، ويغفر لمن يشاء، ولا يعذب بعد التوبة؛ وذلك أن المحارب إذا تاب قبل أن يقدر عليه لم يقم عليه الحد الذي وجب في حال المحاربة، والسارق إذا تاب قبل أن يقدر عليه أخذ به. أخبر أن له أن يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء.

وفيه نقض على المعتزلة؛ لأنهم يقولون: الصغيرة مغفورة ليس له أن يعذب عليها، والكبيرة يخلد صاحبها في النار ليس له أن يعفو عنها. فلو كان على ما قالوا لذهب معنى التخيير بقوله - تعالى -: (يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ) إذا ما عفا: عفا ما عليه أن يعفو، وكذلك ما عذب: عذب ما عليه أن يعذب؛ فيذهب فائدة التخيير، وقد أخبر أنه (يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ).

* * *

قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>