للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ ... (٧٩)

ذكر في بعض القصة عن عبد اللَّه بن مسعود - رضي اللَّه عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لَمَّا وَقَعَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ في المَعَاصِي نَهَاهُم عُلَمَاؤُهُم فَلَم يَنْتَهُوا، فَجَالَسُوهُم في مَجَالِسِهِم وَآكَلُوهُم وَشَارَبُوهُم، فَضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِم بِبَعْضٍ، وَلَعَنهُم عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَريَمَ؛ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ " قال: فجلس رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وكان متكئًا فقال: " لا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى تَأْطُرُوهُم عَلَى الحق أطْرًا " قال أبو عبيد: يعني تعطفوهم عطفا، وقال غيره: حتى تكسروهم كسرا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ... (٨٠)

قيل: قوله: (تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ) يعني: المنافقين، (يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا)

يعني: اليهود يتولون الذين كفروا ويعاندون رسول اللَّه وأصحابه.

وقيل: (تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ): يعني: من اليهود: (يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) من مشركي العرب وغيرهم، كانوا يظاهرون على رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - والمؤمنين، ويعاونون عليهم، وقد كان من الفريقين جميعًا ذلك.

ويحتمل وجهًا آخر: قوله: (تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ) من هَؤُلَاءِ الذين شهد لهم رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يتولون الذين كفروا، يعني: أسلافهم ورؤساءهم؛ كقوله: (لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا. . .) الآية، تولى هَؤُلَاءِ أُولَئِكَ واتبعوا أهواءهم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ): أي: ما

<<  <  ج: ص:  >  >>