للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبعد: فإن اللَّه - تعالى - جعل الأطعمة والأشربة والفواكه للبشر في الوقت والحال التي تطيب أنفسهم بها وتلذ؛ لأنه لم يحل لهم في أول خروجها من الأرض والنخيل، إنما أحل لهم بعد نضجها وينعها واتخاذها خبزًا، وبلوغها في الطيب نهايته، وجعل للبهائم ذلك في أول ما يخرج، فإذا كان البشر خصوا بذلك لم يجب أن يحرم ذلك، ويبطل ذلك التخصيص والتفضيل، واللَّه أعلم.

فَإِنْ قِيلَ: إنما لم يتناول منها لما يعجز عن شكر اللَّه؛ لذلك يقتصر على ما يُقيم الرمقَ منه.

قيل له: فيجب ألا يتزوج من النساء إلا أدونهن جمالا وأكبرهن سنًّا؛ لأنها تصونه عن الفجور، فإن لم يكن في تزويج العجائز والقبائح وترك الشبان الحسان زهادة، فليس في أكل خبز الشعير وترك المحور والميدة زهادة، ولكن لما خاف أن يدخله الرغبة في طيب الطعام في شبهة مكسبه، فواجب عليه ألا يدخل في ذلك المكسب، وينزه نفسه عنه، ويقتصر على القوت الذي لا بد له منه.

وقيل: الآية نزلت في أصحاب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - منهم: عمر وعلي وابن مسعود وعثمان ابن مظعون والمقداد وسالم، رضوان اللَّه عليهم أجمعين. وهَؤُلَاءِ حرموا على أنفسهم الطعام والنساء، وهموا أن يقطعوا مذاكيرهم، وأن يلبسوا المسوح ويدخلوا

<<  <  ج: ص:  >  >>