للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم كان ذلك المعنى قائمًا في اليمين الذي تعمد عليه الكذب، وهو ما قيل: اليمين الغموس يجب ألا يلزمه كفارة اليمين، إنما يلزمه كفارة فعل الجرأة والمخالفة لله، واللَّه أعلم.

وأيد هذا الأصل وجهان:

أحدهما: استواء الأمرين في اليمين المعقودة على الحانث فيما عصى من الحنث فيها أو أطاع أن يستويا في اليمين على الماضي في الوجهين جميعًا، فإذا لم تجب الكفارة في أحد الوجهين لم تجب في الآخر، واللَّه أعلم.

والثاني: ما روي عن نبي الرحمة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في شأن اللعان بعد الفراغ منه: " إِنَّ أَحَدَكُمَا لكَاذِب، هَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟ " ومعلوم أن حاجتهما لو كانت تجب فيه الكفارة إلى البيان عنها أكثر من حاجتهما إلى بيان كذب أحدهما ثم لزوم التوبة؛ إذ ذلك يعرفه كل سفيه وحكيم بلا سمع، والكفارة لا تعرف إلا بالسمع، ثبت أنها غير واجبة؛ وكذا الأخبار التي روبت في الخصمين: أنه قضى لأحدهما حتى ذكر فيه الوعيد الشديد، ثم أمرهما بالتساهم بينهما وأن يحلل كل واحد منهما الآخر، فلا يحتمل أن يكون فيه كفارة ولا يمين؛ وكذلك علم في الموضع الذي أمر بالحنث؛ إذ قد يشتبه على بعض من ليس له روية، وقد قال إسحاق: أجمع المسلمون على ألا يجب فيه الكفارة، فقول من يوجبها ابتداء شرع، ونصب حكم للَّهِ تعالى على الخلق، وهو لم يشرك في " حكمه أحدا.

ثم الأصل في ذلك أن الأسباب التي ترفع العقود وتوجب الحرمات إذا تأخرت العقود

<<  <  ج: ص:  >  >>