للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأسباب الحل فهي على اختلافها متفقة على منع ابتدائها إذا قارنتها؛ فعلى ذلك أمر سبب الحنث؛ فلذلك بطلت اليمين والكفارة، وهي كفارة اليمين فلا يجب فيما لا يمين يجب فيها، وليس ذلك كالقول بمس السماء ونحو ذلك؛ لأن اليمين في هذا على ما يكون، فسبب الحنث لم يقترن بها فصحت؛ لذلك اختلف الأمران، وهذه المسألة توضح حال رجلين: الشافعي في قوله: إن الكفارة تجب للحنث وهاهنا لا حنث؛ لما لم يصح العقد؛ ليحنث فيه، ويكون الحنث -أيضًا- بعد العقد، ولم يكن مع ما كان النص بالكفارة في اليمين المعقودة التي أمر فيها بالحفظ، ومحال الأمر بالحفظ في هذه اليمين، وإنَّمَا يجب الحفظ عنها أن يحلف به، واللَّه أعلم.

وحال أبي عبيد حيث يوجب الكفارة بعقد اليمين، وعنده اليمين الغموس يمين لا يجب فيها الكفارة، فهذا يوضح أن الكفارة تجب للذي يرد في اليمين لا لنفسها، واللَّه أعلم.

ثم احتج قوم بوجوب الكفارة بعقد اليمين بقوله: (وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ) ثم قال: (فَكَفَّارَتُهُ) - أي: عندهم - كفارة ما عقد من الأيمان بما فيها الإضافة، ولم يسبق غير ذلك العقد يضاف إليه؛ وكقوله: (ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ) أضيف إلى اليمين؛ وعلى ذلك تسمية المؤمنين كفارة اليمين مع ما فيه وجهان من المعتبر:

أحدهما: ما روي عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لما رأى بحمزة الطعنة أقسم لَيُمَثلَنَّ بكذا من قريش؛ فنزل النهي عن الوفاء بذلك؛ فكفر عن يمينه. ومعلوم أنه لا يحنث في يمينه إلا في الوقت الذي لا يحتمل بز مسألة في حياته ثبت أنها كانت لليمين؛ وكذا ما جاء: " مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ. . . " إلى أن قال: " وَلْيُكَفرْ عَنْ يَمِينِهِ " إنما أمر بتكفير يمينه، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>