للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبعد: فإنه معلوم أن لكل مسكين قدرًا من الطعام، ثم كان المقدار الواحد بتفرق الأملاك عليه يستوجب حق قدر العشر، فعلى ذلك المسكين الواحد بما يتفرق عليه المسكنة كل يوم، ويجدد الحاجة؛ فيصير كعدد المساكين، وذلك -أيضًا- شبيه بما روي من " الاستنجاء بثلاثة أحجار " على استحقاق كل حرف من ذلك حق حجر على حدة من حيث كان غير مستنجى به، فكذا ما نحن فيه؛ إذ له كل يوم حق مسكين آخر من حيث حدثت له حاجة لم تدفع بالإطعام الأول، واللَّه أعلم.

وليس كالأعداد في الشهادة؛ لما جعل العدد فيها بما يلحق الواحد تهمة، أو له به منفعة التصديق، أو نوع عبادة في موضع الحكم والقضاء وتسليم الأمر لغيره من الحجج.

وفي هذا معنى التكفير قد بينا، وذلك كمعنى التطهير في الذي وصفنا، على أن الشهادة في اليوم الثاني إعادة للأولى، والإطعام هو تجديد الدفع، والواحد قد يقوم في الشهادة مقام مائة إذا كان لِكُلٍّ حَقُ التجديد، واللَّه أعلم.

ثم قوله - تعالى -: (عَشَرَةِ مَسَاكِينَ) من غير ذكر القريب والبعيد، أو المؤمن والكافر، أو الصغير والكبير، أو قدر المسكنة، أو العلم الذي به يعرف، ومعلوم أن لكل جهة مما بينا حدا بالناس إلى معرفته حاجة، وللناس في كل جهة تنازع، والاجتهاد في الوقوف على الحقيقة على الاتفاق، على أنه لم يحصل الأمر على الاسم خاصة، وأن الذي هو في حد الفقير فيما ذكر فيه المسكين، والفقير قائم مقام المسكين هاهنا في الجواز؛ ليعلم أن المعنى فيهم مقصود يجب طلبه والبحث عنه، واللَّه أعلم.

ثم أجمع أن الصغير الذي يكفيه قدر اللقمة -لقمة الكبير- لم يقم في حق الإطعام إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>