للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من حيث التمليك؛ إذ أجمع على أقل المقدار أنه مد، والمدُّ يكفي عشرة مثله؛ ثبت أنه لا إلى مثله رجع الخطاب، وأيد ذلك قوله تعالى: (مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) أن مثله لا يبلغ أقل ما يطعم الأهل، على أنه لو أريد بالأهل: الزوجة، لكان مثلها لا يطعمها الزوج، فثبت أن المراد راجع إلى الخصوص، واللَّه أعلم.

والأصل في ذلك ما بينا من تألم الطبع بدفع مثله، وابن يوم يميل الطبع إلى إرضاع مثله، بل لا يحتمل إمهاله.

وبعد: فإن مثله لا يطعم؛ فثبت أن الأمر راجع إلى حَدٍّ، واللَّه أعلم.

وعلى ما ذكرنا قالوا في الوالدين والولد إنه لا يجوز؛ لأن الطبع يألم بمسكنة هَؤُلَاءِ، لا بما به دفع المسكنة عنهم، بل جعل اللَّه - تعالى - الطبائع بين هَؤُلَاءِ بحيث لا تحتمل نزول البلاء والشدة بهم، وبحيث يجتهد كل بدفع الضرر عنهم على مثل الدفع عن نفسه، وبذل المال لصون عرضهم؛ حتى لقد يشتم من لم يتعاهد منهم ذلك، ويلام أعظم اللوم، وإذا كان كذلك لم يتضمنهم هذا الأمر؛ إذ هم بهذا يقومون بذلك بحق الطبيعة، لا بأمر، وقد بينا وجه الكفارة أنه في مخالفة الطبع، واللَّه أعلم.

وعلى ذلك ما روي عن الذي أمر بتفريق زكاته فأعطى ابنه؛ فاختصما إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ فقال: " يَا فُلَانُ، لَكَ مَا نَوَيْتَ "، وقال للآخر: " لَكَ مَا أَخَذْتَ " ولو كان يجوز اختيار مثله لكان ذلك أحب ما صار إليه وآثر.

ثم قد روي عن رسول اللَّه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال: " أَنْتَ وَمَالُكَ لِأبِيكَ "؛

<<  <  ج: ص:  >  >>