للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أهلها، ولا يكون ذلك في غير حال الضرورة؛ فدل ذكره في غير حال الضرورة على أن ذلك كالمذكور في حال الضرورة.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ)

اختلف أهل العلم فيما يجب، من المثل:

فقال قوم: في الظبي شاة، وفي النعامة: بدنة، وفي الحمار الوحشي: بقرة، وأشباه ذلك.

وقال آخرون: المثل: قيمة الصيد، يقومه عدلان فيوجبان قيمته دراهم، فيشتري بتلك الدراهم شاة، أو يجعله طعامًا، فيتصدق به: على كل مسكين نصف صاع، أو يصوم عن كل نصف صاع يومًا.

وقال غيرهم: إن بلغ دما - ذبح شاة، وإن لم يبلغ دمًا: يتصدق به.

وأما قولنا: إن المثل هو القيمة، لا المثل في رأي العين: ذهبنا في ذلك إلى وجوه: أحدها: أن المحرم إذا أصاب صيذا في هذا الوقت - حكم بجزائه حكمان؛ فلو كان مثلُ الظبي شاة في كل الدهور والأوقات - كان في جعلنا ما تقدم من أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - والسلف من الحكم في ذلك كافيًا لا يحتاج إلى حكم غيرهم؛ فدل إجماعهم على أن حكم الحكمين باق، على أن المثل غير مؤقت؛ بل هو مختلف على قدر الأزمنة والمواضع والأوقات، وإذا جعلنا المثل قيمة كانت الحاجة إلى الحكمين قائمة، وإذا جعلناه هديًا فالحاجة إليهما زائلة، ولا يجوز أن يعطل أمر الحكمين وقد ذكره اللَّه في

<<  <  ج: ص:  >  >>