للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرسل، ولا الكتب، ولا كانوا آمنوا برسول ولا كتاب، فقالوا: (لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا)، ونحوه من السؤال، فيسألون إنزال الملك.

ثم يحتمل سؤالهم إنزال الملك لما لم يكونوا رأوا الرسل يكونون من البشر، وإنما رأوا الرسول إن كان يكون ملكًا، فقالوا: (لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ).

ويحتمل أن يكون سؤالهم إنزال الملك سؤال عناد وتعنت، لا سؤال طلب الرسول من الملائكة، فقال: (وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا) على ما سألوا (لَقُضِيَ الْأَمْرُ) أي أن الملك إذا نزل على إثر سؤال العناد والتعنت ينزل بالعذاب والهلاك، فهذا يبين أن سؤالهم سؤال تعنت وعناد.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ) أي أنهم كانوا يسألون إنزال الملك آية لصدقه - عليه السلام - فقال: (وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ) أي: يهلكون؛ لأن الآيات إذا نزلت على إثر سؤال القوم ثم خالفوا تلك الآيات وكذبوها لنزل بهم العذاب والهلاك، وإن جاءت الآيات على غير سؤال، فكذبوها يمهلون، ولا يعذبون عند تكذيبهم إياها، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا ... (٩)

قيل: آدميًّا بشرًا، ويحتمل هذا وجوهًا:

أحدها: أي: لو بعثنا الرسول ملكًا لجعلناه على صورة البشر؛ لأنه لو كان على صورة الملائكة لصعقوا ودهشوا؛ لأنه ليس في وسع البشر رؤية الملك على صورته.

ألا ترى أن جبريل - عليه السلام - إذا نزل على رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لم ينزل على صورته، ولكن كان ينزل على صورة البشر، حتى ذكر أنه كان ينزل عليه على صورة

<<  <  ج: ص:  >  >>