للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله - عَزَّ وَجَلََّ: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ).

كأنه قال: أوحي إليَّ هذا القرآن الذي تعرفون أنه من عند اللَّه جاء؛ لأنه قال لهم: (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ)، فعجزوا عن إتيان مثله، فدل عجزهم عن إتيان مثله أنهم عرفوا أنه جاء من عند اللَّه.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -؛ (لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ): لا ينذر بالقرآن ولكن ينذر بما في القرآن؛ لأنه فيه أنباء ما حل بأشياعهم بثكذيبهم الرسل، وما يحل بهم من العذاب في الآخرة بتكذيبهم الرسل، وإلا فظاهر القرآن ليس مما لنذر به، (وَمَنْ بَلَغَ) كأنه قال: وأوحي إليَّ هذا القرآن لأنذركم به، وأنذر من بلغه القرآن، صار رسول اللَّه نذيرًا ببلوغ القرآن لمن بلغه، فإذا صار نذيرًا به لمن بلغه وإن كان هو في أقصى الدنيا يصير هو نذيرًا في أقصى الزمان، في كل زمان، وهو - واللَّه أعلم - كقوله - تعالى -: (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ) ورسول اللَّه هاد لقومه إلى يوم القيامة.

وفي الآية دلالة أن البشارة والنذارة يكونان ببعث آخر يبشر أو ينذر، وهو دليل لقول أصحابنا: إن من حلف: أيُّ عبدٍ من عبيدي بَشَّرَنِي بكذا فهو حرّ، فبشره برسول أو بكتاب، يكون بشارة.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى) فهذا في الظاهر استفهام، ولكنه في الحقيقة إيجاب أنكم لتشهدون أن مع اللَّه آلهة أخرى، بعد ما ظهر

<<  <  ج: ص:  >  >>