للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يذكر في بعض القصة أن رجالا من أصحاب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كانوا يسبقون إلى مجلس رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فيجلسون قريبًا منه، فيجيء أشراف القوم وساداتهم، وقد أخذ أُولَئِكَ المجلس فيجلس هَؤُلَاءِ ناحية، فقالوا: نحن نجيء فنجلس ناحية، فذكروا ذلك لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فقالوا: إنا سادات قومك وأشرافهم، فلو أدنيتنا منك في المجلس، فهمّ أن يفعل ذلك، فأنزل اللَّه هذه الآية يعاتب نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بقوله: (وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ. . .) الآية.

وإلى هذا يذهب عامة أهل التأويل، لكنه بعيد؛ إذ ينسبون رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إلى أوحش فعل وأفحشه ما لو كان فيه إسقاط نبوته ورسالته؛ إذ لا يحتمل أن يكون النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يقرب أعداءه ويدني مجلسهم منه، ويبعد الأولياء، هذا لا يفعله سفيه فضلا أن يفعله رسول اللَّه المصطفى على جميع بريته، أو يخطر بباله شيء من ذلك، وكان فيه ما يجد الكفرة فيه مطعنا يقولون: يدعو الناس إلى التوحيد والإيمان به والاتباع له، فإذا فعلوا ذلك وأجابوه طردهم وأبعد مجلسهم منه، هذا لعمري مدفوع في عقل كل عاقل، ولكن إن كان فجائز أن يكون منهم طلب ذلك طلبوا منه أن يدني مجلسهم ويبعد أُولَئِكَ؛ هذا يحتمل، وأما أن يهم أن يفعل ذلك أو خطر بباله شيء من ذلك فلا يحتمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>