للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عبدوها فكأنهم عبدوا الشيطان مثل هذا يحتمل، واللَّه أعلم.

فَإِنْ قِيلَ: فإذا صاروا كأنهم عبدوا الشيطان، ومن ذكر من الجن بدعائهم إلى ذلك، وبأمرهم بذلك حتى نسب وأضاف العبادة إليهم، كيف لا صار المؤمنون كأنهم عبدوا الرسل؛ لأنهم إنما عبدوا اللَّه بدعاء الرسل وبأمرهم؟

قيل: لأن الرسل إنما دعوهم إلى عبادة اللَّه وأمروهم بذلك؛ لأن اللَّه - تعالى - أمرهم بذلك، وأما أُولَئِكَ إنما دعوهم إلى عبادة من ذكر بذات أنفسهم.

وفي قوله: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ) إخبار لأوليائه وتذكير لهم حسن صنيعه إلى أعدائه من الإنعام عليهم، والإحسان إليهم، وقبح صنيع أُولَئِكَ إليه من وصفهم إياه بالولد والشركاء؛ ليعاملوهم معاملة الأعداء أو معاملة أمثالهم (وَخَلَقَهُمْ) أي: يعلمون أنه هو خلقهم، ثم يشركون غيره في ألوهيته وعبادته، لا يوجهون شكر نعمه إليه.

والثاني: قوله: (وَخَلَقَهُمْ)، أي: خلق هذه الأصنام التي يعبدونها، ويعلمون أنها مخلوقة مسخرة مذللة، فمع ما يعلمون هذا يشركون في ألوهيته وعبادته، فكيف يكون المخلوق المسخر شريكًا له؟!

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ).

هم كانوا فرقًا وأصنافا؛ منهم من يقول بأن عيسى ابنه وهم النصارى، ومنهم من يقول بأن عزيرًا ابنه وهم اليهود، وقال مشركو العرب: الملائكة بنات اللَّه، فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>