للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا)، وقوله: (وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا)، يقول: كلوا مما رزقكم اللَّه؛ وكذلك قوله: (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ)، وانتفعوا به، (وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ): في تحريم ذلك على أنفسكم، واعرفوا نعمه التي أنعمها عليكم، ووجهوا شكر نعمه إليه، ولا توجهوها إلى غيره.

ثم قوله: (خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ).

قيل: آثار الشيطان.

وقيل: أعمال الشيطان.

وقيل: دعاء الشيطان وتزيينه، وكله واحد.

وأصله: أن كل من أجاب آخر إلى ما يدعو إليه ويأتمر بأمره، يقال: قد اتبع أثره، وقد ذكرنا هذا فيما تقدم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ).

أي: إنه فيما يدعوكم إلى تحريم ما أحل اللَّه لكم ورزقكم - يقصد قصد إهلاككم وتعذيبكم، لا قصد منفعة لكم في ذلك، وكل من قصد إهلاك آخر فهو عدوّ له، وهو يخرج على ما ذكرنا من تذكير المنن والنعم التي أنعمها عليهم، يقول: هو الذي جعل لكم ذلك؛ فلا تصرفوا شكوه إلى غيره.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ... (١٤٣) إلى آخر ما ذكر.

أي: أنشأ -أيضًا- ثمانية أزواج، على ما ذكر: أنشأ جنات معروشات وغير معروشات، وأنشأ من الأنعام -أيضًا- حمولة وفرشًا، وأنشأ -أيضًا- ثمانية أزواج مما عد علينا.

ويحتمل أن يكون قوله: (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ. . .) إلى آخر ما ذكر هو تفسير قوله: (وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا) ويكون (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ) التي ذكر في الآية بيان الحمولة والفرش التي ذكر في الآية الأولى.

ثم في قوله: (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ): في الآية تعريف المحاجة مع الكفرة وتعليمها من اللَّه؛ لأنهم كانوا يحرمون أشياء على الإناث ويحللونها

<<  <  ج: ص:  >  >>